للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المائدة: ٢] من شاء فعل ومن لم يشأ لم يفعل، ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] فمن شاء صام ومن شاء أفطر ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾ [النور: ٣٣] إن شاء كاتب وإن شاء لم يفعل، ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا﴾ [الجمعة: ١٠] إن شاء انتشر وإن شاء لم ينتشر) (١). وقد ورد مثل ذلك عن مجاهد.

٢ - ومن ذلك أيضًا: زيارة القبور لتذكر الآخرة والاتعاظ بالموت، فإنها من المستحب - وقد نهى الرسول عنها لحكمة تتعلق بالبعد عما قد يتصل بمظاهر الوثنية وعادات الجاهلية، ويعد هذا النهي أمر بها من جديد حيث قال: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فقد أُذن لمحمد في زيارة قبر أمه فزوروها فإنها تذكر الآخرة" (٢) ومن المتفق عليه عند الجمهور أن زيارة القبور مستحبة وليست بواجب - ونقلنا تفصيلًا في ذلك عن ابن حزم (٣) - والندبُ الذي دل عليه الأمر بعد الحظر: هو حكم الزيارة نفسُه قبل ورود النهي.

٣ - ومنه: قتال المشركين، وهو من الواجبات المعلومة في الشريعة، وقد منع منه الشارع في الأشهر الحرم - كما أسلفنا - ثم أمر به بعد انقضاء تلك الأشهر بقوله سبحانه: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] وليس من خلاف بين العلماء في أن قتال المشركين بعد انقضاء الأشهر الحرم واجب أخذًا من الأمر به بعد الحظر. وهذا الرجوب هو الحكم نفسه الذي كان ثابتًا له قبل المحظر والتحريم، ولا يسقط عن المكلف إلا بعذر مشروع.

٤ - ومنه: الصلاة بالنسبة للحائض بعد أن تطهر، فإن الصلاة في الأصل واجبة، وجاء الحديث بنهي الحائض عن الصلاة أيام أقرائها وبعد هذا الحظر أمرها الرسول بأن تصلي وذلك بقوله: "فإذا أدبرت فاغسلي


(١) راجع: "الدر المنثور" للسيوطي (٢/ ٢٥٥).
(٢) انظر ما سلف: (٢/ ٢٩٦).
(٣) راجع: "الإحكام" (٢/ ٥١ - ٥٢)، "المحلى" لابن حزم (٥/ ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>