للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صاحب "الهداية" في شأن البيع بالخمر والخنزير: (والبيع بالخمر والخنزير فاسد الوجود حقيقة البيع وهو مبادلة المال بالمال) (١).

وجاء في "التوضيح": (أما البيع بالخمر: فإن الخمر مال غير متقوم؛ فجعلُها ثمنًا لا يبطل البيع لما ذكرنا أن الثمن غير مقصود، بل تابع ووسيلة، فيجري مجرى الأوصاف التابعة، لأن ركن البيع - وهو مبادلة المال بالمال - متحقق، لكن المبادلة التامة لم توجد لعدم المال المتقوم في أحد الجانبين) (٢).

وفي شأن البيع المشتمل على الربا قال صدر الشريعة: (ركن البيع - وهو مبادلة المال بالمال - قد وجد، لكن لم توجد المبادلة التامة، فأصل المبادلة حاصل، لا وصفها وهو كونها تامة) (٣).

أما في: شأن البيع بشرط: فقد قال التفتازاني في "التلويح": (وقد نهى النبي عن بيع وشرط، والنهي راجع للشرط، فيبقى أصل العقد صحيحًا مفيدًا للملك، لكن بصفة الفساد والحرمة، فالشرط أمر زائد على البيع لازم له، لكونه مشروطًا في نفس العقد، وهو المراد بالوصف في هذا المقام) (٤).

وهكذا تكون هذه العقود - كما سبق - مشروعةَ بأصلها غيرَ مشروعة بوصفها، ولذلك اعتبرها الحنفية موجودة في نظر الشارع تترتب عليها بعض الآثار التي تترتب على العقود الصحيحة، كثبوت الملك إذا اتصل بها القبض، ومعنى ذلك أنها - مع النهي عنها لوصفها - ظلت صالحة لأن تكون سببًا للملك، بينما الباطل لا يكون كذلك (٥).


(١) راجع: "الهداية" مع "فتح القدير" (٥/ ١٨٦).
(٢) راجع: "التوضيح" (١/ ٢٢٠).
(٣) راجع: "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ٢٢٠ - ٢٢١).
(٤) راجع: "التلويح" (١/ ٢١٨). هذا وقد خرج السرخسي على القاعدة المذكورة عددًا من المسائل بالإضافة إلى ما أوردناه. انظرها في "الأصول" (١/ ٨٩) فما بعدها.
(٥) راجع: "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٣٣٣): "أسباب اختلاف الفقهاء" لشيخنا علي الخفيف (ص ١٢٧ - ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>