للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك لأن النهي عن الصلاة في الأرض المغصوبة يتناول - كما مر - أمرًا خارجًا عن المنهي عنه، هو الجناية على حق الغير بالاغتصاب. أما حقيقة الصلاة: فتحصل كاملة غير منقوصة، لأن النهي لأمر خارج عند الجمهور، لا يؤثر في صحة العمل المشروع (١).

أما هنا: فالنهي عن الصلاة في الوقت المكروه، نهي عن العمل لوصف لازم له، لأن الزمن يذهب جزء منه مع الفعل، فكان النهي عن الصلاة في هذا الوقت: دالًّا على عدم صرف ذلك الوقت في ذلك الفعل.

وبذلك ظهر تعلق النهي يوصف لازم المصلاة المنهي عنها، من ناحية أنه لا يتصور وجود فعل، إلا بإذهاب جزء من الزمن، فلا يتصور وجود الصلاة في الوقت المكروه، دون إذهاب جزء منه.

أما المكان: فلا علاقة له بالأداء هنا، إذ لا يذهب أي شيء منه عند القيام بالعمل، فكان النهي بالنظر إليه: نهيًا لأمر خارج مجاور للمنهي عنه. وهو في الأرض المغصوبة - كما تقدم -: الجناية على حق الغير بالغصب (٢).

أما الحنفية: فقد ذهبوا إلى صحة انعقاد صلاة النفل في تلك الأوقات المكروهة المنهي عنها (٣).

وذلك؛ لأنهم اعتبروا النهي عن الصلاة في هذه الأوقات راجعًا إلى أمر مجاور للمنهي عنه، لا توصف ملازم، إذ إن الوقت - كما يقولون - ظرف للصلاة لا معيار لها، فيكون تعلقه بها تعلقَ المجاورة لا تعلق الوصفية.

ولذا فإن النهي المذكور لا يوجب الفساد، وإنما يوجب النقصان، والنفل لا يطلب أداؤه كاملًا؛ فلو شرع في صلاة النفل في وقت من


(١) راجع: "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ٢١٩ - ٢٢٠).
(٢) انظر: "أسباب اختلاف الفقهاء" لأستاذنا الشيخ الخفيف (من ١٢٩ - ١٣٠).
(٣) راجع: "الهداية" مع "فتح القدير" و"العناية" (١/ ١٦٠) فما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>