للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثانيًا: لا بد قبل تفسير نصوص السنة لاستنباط الأحكام، من سعي حثيث وراء التثبت من صحة تلك النصوص وصلاحيتها لأن تكون مصدرًا للأحكام، وذلك بتخريجها ومعرفة حكم العلماء عليها من حيث السند (١).

وبذلك يجتمع ثبوت النص إلى فقه النص، ويتكامل الطريق ويتوفر للبناء الفقهي الكيان الواضح السليم.

ولقد رأينا في عدد من المباحث المتقدمة كيف أن العلة في تباين الأحكام كانت تكمن وراء صلاحية النص الذي كان مجالًا لتطبيق القاعدة الأصولية، أو عدم صلاحيته لأن يؤخذ منه الحكم.

ففي مجال استنباط الأحكام: لا تكفي العناية بفقه الحديث دون التفات إلى قولى العلماء فيه من حيث كونه صحيحًا أو حسنًا أو ضعيفًا أو غير ذلك لأن الحديث بمنزلة الأساس الذي يقوم عليه الفقه لما أنه بيان الكتاب، ولا بد لسلامة البنيان من سلامة الأساس الذي يقوم عليه (٢). كما لا تكفي


= غيره؛ لأنه لا يعلم من إيضاح جمل علم الكتاب أحد جهل سعة لسان العرب، وكثرة وجوهه، وجماع معانيه وتفرقها، ومن علمه انتفت عنه الشبة التي دخلت على من جهل لسانها) "الرسالة" (ف ١٦٩، ص ٥٠) بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر.
وانظر كلام ابن حزم في هذا الموضوع في: "الإحكام في أصول الأحكام". (١/ ٣٥، ٥٢)، وراجع مقدمة "تفسير البحر المحيط" لأبي حيان (١/ ٥ - ٧).
(١) ولقد عني علماؤنا بتخريج أحاديث عدد من مراجع الفقه والأصول، وأرجو أن تتاح لي الفرصة في القريب العاجل لنشر كتاب: "تخريج أحاديث البزدوي" للقاسم بن قطلوبغا من الحنفية المتوفى ٨٧٩ هـ والنسخة المخطوطة التي اعتمدتها في التحقيق تتميز بإجازة من المؤلف نفسه وقد توافر غيرها والحمد لله.
ولهذا الكتاب في رأيي أهمية بالغة لأن أصول البزدوي يأتي في مقدمة الكتب المعتمدة في علم أصول الفقه عند الحنفية ومن الخبر بمكان معرفة حكم علماء الحديث على نصوص السنة التي أثبتها البزدوي في كتابه عند التطبيق.
(٢) قال الخطابي في بيان ذلك: (لأن الحديث بمنزلة الأساس الذي هو الأصل، والفقه بمنزلة البناء الذي هو له كالفرع وكل بناء لم يوضع على قاعدة وأساس فهو منهار، وكل أساس خلا من بناء وعمارة فهو خراب) "معالم السنن" (١/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>