للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٧٤٣٧ - ٧٤٣٨ - حدَّثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فقالَ رَسُولُ اللَّهِ : «هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟» قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قالَ: «فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟» قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قالَ: «فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ، يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ. فَيَتَّبِعُ (١) مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ، وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ، وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا شَافِعُوهَا -أَوْ: مُنَافِقُوهَا، شَكَّ إِبْرَاهِيمُ- فَيَأتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَ (٢) رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ. فَيَأتِيهِمُ اللَّهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا. فَيَتْبَعُونَهُ (٣)، وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُهَا (٤)، وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ. وَفِي جَهَنَّمَ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ رَأَيْتُمُ السَّعْدَانَ؟» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قالَ: «فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا (٥) قَدْرُ (٦) عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمُ

⦗٣٦٧⦘

الْمُوبَقُ (٧) يَبقَى (٨) بِعَمَلِهِ، أَوِ الْمُوثَقُ (٩) بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ، أَوِ الْمُجَازَى -أَوْ: نَحْوُهُ- ثُمَّ يَتَجَلَّى حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَرْحَمَهُ، مِمَّنْ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النَّارِ بِأَثَرِ (١٠) السُّجُودِ، تَأكُلُ النَّارُ (١١) ابْنَ آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ؛ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتُحِشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ تَحْتَهُ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ (١٢) مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ، هُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، فَإِنَّهُ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا، وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا (١٣). فَيَدْعُو اللَّهَ بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَهُ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ: هَلْ عَسيْتَ (١٤) إِنْ أُعْطِيتَ (١٥) ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ؟

فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ. وَيُعْطِي رَبَّهُ (١٦) مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ مَا شَاءَ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ عَلَى الْجَنَّةِ وَرَآهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ، قَدِّمْنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَلَسْتَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ أَبَدًا؟! وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ! فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ. وَيَدْعُو اللَّهَ حَتَّى يَقُولَ: هَلْ عَسيْتَ (١٧) إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَ (١٨) غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ. وَيُعْطِي مَا شَاءَ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا قَامَ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، انْفَهَقَتْ لَهُ الْجَنَّةُ فَرَأَى مَا فِيهَا مِنَ الْحَبْرَةِ (١٩)

⦗٣٦٨⦘

وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ اللَّهُ: أَلَسْتَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ مَا أُعْطِيتَ؟! فَيَقُولُ (٢٠): وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ! فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، لَا أَكُونَنَّ (٢١) أَشْقَى خَلْقِكَ. فَلَا يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ اللَّهُ مِنْهُ، فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ قَالَ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ. فَإِذَا دَخَلَهَا قَالَ اللَّهُ لَهُ: تَمَنَّهْ. فَسَأَلَ رَبَّهُ وَتَمَنَّى، حَتَّى إِنَّ اللَّهَ لَيُذَكِّرُهُ، ويَقُولُ (٢٢): كَذَا وَكَذَا، حَتَّى (٢٣) انْقَطَعَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ، قَالَ اللَّهُ: ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ».

قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ: وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا، حَتَّى إِذَا حَدَّثَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ اللَّهَ قالَ: «ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ (٢٤) مَعَهُ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: «وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ مَعَهُ» يَا أَبَا هُرَيْرَةَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا حَفِظْتُ إِلَّا قَوْلَهُ: «ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ (٢٥) مَعَهُ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: أَشْهَدُ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ قَوْلَهُ: «ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ».

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ.


(١) ضبطت في (ب، ص) بضبطين: المثبت، و: «فَلْيَتْبَعْهُ، فَيَتْبَعُ».
(٢) في رواية الكُشْمِيْهَنِيِّ: «جاءنا»، وهو المثبت في متن (ب، ص)، قارن بما في الإرشاد والسلطانية.
(٣) في رواية كريمة: «فَيَتَّبِعُونَهُ». (ب، ص).
(٤) في رواية أبي ذر عن المُستملي ورواية الأصيلي: «يَجِيءُ».
(٥) لفظة: «ما» ثابتة في رواية كريمة ورواية أبي ذر عن الكُشْمِيْهَنِيِّ، وهي مهمشة في (و).
(٦) في رواية كريمة ورواية أبي ذر عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: «قدرَ».
(٧) في رواية الأصيلي وأبي ذر عن المُستملي: «المومن». (ن، و، ب، ع).
(٨) هكذا ضبط المتن في (ن، و، ع)، وضبطه في (ب، ص): «بَقِيَ»، وفي رواية أبي ذر والمُستملي: «يتقي». (ن، و، ع)، وضبط روايتهما في (ب، ص): «يَقِي».
(٩) في رواية أبي ذر والحَمُّويي والكُشْمِيْهَنِيِّ: «المُوبَقُ»، وزاد في (ن، و، ب) نسبتها إلى رواية الأصيلي ورواية أبي ذر عن المُستملي.
(١٠) في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيِّ: «بآثار».
(١١) صحَّح عليها في اليونينيَّة.
(١٢) في رواية أبي ذر زيادة: «منهم». كتبت بالحمرة.
(١٣) في رواية أبي ذر: «ذَكَاها».
(١٤) ضُبطت في اليونينية بكسر السين وفتحها معًا.
(١٥) في رواية أبي ذر: «أَعْطَيْتُكَ».
(١٦) في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيِّ: «وَيُعْطِي اللهَ».
(١٧) ضُبطت في اليونينية بكسر السين وفتحها معًا.
(١٨) في (ن): «أن لا تَسْأَلَ»، وضبَّب على «لا».
(١٩) بهامش (ب، ص): ليست «الحبرة» مضبوطة في اليونينية. اهـ.
(٢٠) ضبَّب عليها في اليونينيَّة.
(٢١) في رواية أبي ذر والحَمُّويي والكُشْمِيْهَنِيِّ: «لا أكونُ».
(٢٢) الواو ثابتة في رواية أبي ذر عن الحَمُّويي والمُستملي أيضًا، وهذه الرواية مهمَّشة في (ب، ص)، وفي متنهما: «يقول» بدون الواو.
(٢٣) صحَّح عليها في اليونينيَّة.
(٢٤) هكذا بالرفع في كلِّ الأصول عدا (ب)، ففيها: «ومثلَهُ».
(٢٥) في (و، ب): «ومثلَه».