للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢٦٦١ - حدَّثنا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ -وَأَفْهَمَنِي بَعْضَهُ أَحْمَدُ (١) - حدَّثنا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عن ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عن عَائِشَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ ، حِينَ قالَ لها أَهْلُ الإِفْكِ ما قَالُوا، فَبَرَّأَها اللَّهُ مِنْهُ، قالَ الزُّهْرِيُّ: وَكُلُّهُمْ حدَّثني طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِها، وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتُ لَهُ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عن كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي حدَّثني عن عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، زَعَمُوا:

أَنَّ عَائِشَةَ قالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إذا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا (٢) أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُها خَرَجَ (٣) بِها مَعَهُ، فَأَقْرَعَ بَيْنَنا فِي غَزَاةٍ غَزَاها، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَهُ بَعْدَما أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَأَنا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجٍ وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنا حَتَّى إذا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ

وَقَفَلَ، وَدَنَوْنا مِنَ الْمَدِينَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأنِي، أَقْبَلْتُ إلى الرَّحْلِ، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ (٤) قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي، فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، فَأَقْبَلَ

⦗٥٣٥⦘

الَّذِينَ يَرْحَلُونَ (٥) لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ (٦) على بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ، وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، وَإِنَّما يَأكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ حِينَ رَفَعُوا (٧) ثِقَلَ الْهَوْدَجِ فَاحْتَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَما اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، فَأَمَمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي (٨) فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنا أَنا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِي، وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ، حِينَ (٩) أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ يَدَها فَرَكِبْتُها، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنا الْجَيْشَ بَعْدَما نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى الْإِفْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ ابْنُ سَلُولَ، فَقَدِمْنا الْمَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ بِها شَهْرًا، يُفِيضُونَ (١٠) مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، وَيَرِيبُنِي (١١) فِي وَجَعِي أَنِّي لا أَرَى مِنَ النَّبِيِّ اللُّطْفَ (١٢) الَّذِي كُنْتُ أَرَى منه حِينَ أَمْرَضُ، إِنَّما يَدْخُلُ فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ (١٣): «كَيْفَ تِيكُمْ؟». لا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى نَقَهْتُ (١٤)،

⦗٥٣٦⦘

فَخَرَجْتُ أَنا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، مُتَبَرِّزُنَا (١٥) لا نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنا، وَأَمْرُنا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِي الْبَرِّيَّةِ (١٦)، أَوْ فِي التَّنَزُّهِ، فَأَقْبَلْتُ أَنا وَأُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أَبِي رُهْمٍ نَمْشِي، فَعَثَرَتْ (١٧) فِي مِرْطِها، فقالتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ ما قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟! فقالتْ: يا هَنْتَاهْ، أَلَمْ تَسْمَعِي ما قَالُوا؟! فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ (١٨) الإِفْكِ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا إِلَى (١٩) مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتِي، دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ فَسَلَّمَ، فَقالَ: «كَيْفَ تِيكُمْ؟» فَقُلْتُ: ائْذَنْ لِي إلى أَبَوَيَّ. قالَتْ: وَأَنا حِينَئذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِما، فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ، فَأَتَيْتُ أَبَوَيَّ، فَقُلْتُ لأُمِّي: ما يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ (٢٠)؟ فقالتْ: يا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي على نَفْسِكِ الشَّأنَ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ (٢١)، عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّها، وَلَها ضَرَائِرُ، إِلَّا أَكْثَرْنَ عَلَيْها. فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! وَلَقَدْ يَتَحَدَّثُ (٢٢)

النَّاسُ بِهَذَا؟! قالَتْ: فَبِتُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ، لا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ فَدَعا رَسُولُ اللَّهِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ، يَسْتَشِيرُهُما فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالَّذِي يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْوُدِّ لَهُمْ، فَقالَ أُسَامَةُ: أَهْلُكَ (٢٣) يا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا نَعْلَمُ وَاللَّهِ (٢٤) إِلَّا خَيْرًا. وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ (٢٥)، وَالنِّسَاءُ سِوَاها كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ. فَدَعا رَسُولُ اللَّهِ بَرِيرَةَ، فَقالَ: «يا بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ فيها شَيْئًا يَرِيبُكِ (٢٦)؟». فقالتْ بَرِيرَةُ:

⦗٥٣٧⦘

لا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ منها أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا (٢٧) أَكْثَرَ مِنْ أَنَّها جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عن الْعَجِينِ، فَتَأتِي الدَّاجِنُ فَتَأكُلُهُ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي؟! فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ على أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَما كَانَ يَدْخُلُ على أَهْلِي إِلَّا مَعِي». فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ (٢٨) فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أَنا وَاللَّهِ (٢٩) أَعْذِرُكَ مِنْهُ: إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْنا عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنا مِنَ (٣٠) الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنا فَفَعَلْنا فِيهِ أَمْرَكَ. فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ -وهو سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنِ (٣١) احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ- فَقالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لا تَقْتُلُهُ (٣٢)، وَلا تَقْدِرُ على ذَلِكَ. فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْر (٣٣) فَقالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عن الْمُنَافِقِينَ. فَثَارَ الْحَيَّانِ: الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، حَتَّى هَمُّوا، وَرَسُولُ (٣٤) اللَّهِ على الْمِنْبَرِ، فَنَزَلَ فَخَفَّضَهُمْ، حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، وَبَكَيْتُ يَوْمِي لا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، فَأَصْبَحَ عِنْدِي أَبَوَايَ، قَدْ (٣٥) بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ (٣٦) وَيَوْمًا (٣٧)، حَتَّى أَظُنُّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قالَتْ: فَبَيْنا هما جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنا أَبْكِي، إِذِ (٣٨) اسْتَأذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَها، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، فَبَيْنا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ

⦗٥٣٨⦘

فَجَلَسَ وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مِنْ يَوْمِ (٣٩) قِيلَ فِيَّ (٤٠) ما قِيلَ قَبْلَها، وَقَدْ مَكُثَ شَهْرًا لا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأنِي شَيْءٌ (٤١)، قالَتْ: فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قالَ: «يا عَائِشَةُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذا وَكَذا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ (٤٢) فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إذا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ». فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، وَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ . قالَ: وَاللَّهِ ما أَدْرِي ما أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ . فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ

فِيما قالَ. قالَتْ: وَاللَّهِ ما أَدْرِي ما أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ . قالَتْ: وَأَنا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لا أَقْرَأُ (٤٣) كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ، فَقُلْتُ: إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ سَمِعْتُمْ ما يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ، وَوَقَرَ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي بَرِيئَةٌ -وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّي لَبَرِيئَةٌ- لا تُصَدِّقُونِي (٤٤) بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ -وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ- لَتُصَدِّقُنِّي، وَاللَّهِ ما أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا أَبا يُوسُفَ إِذْ قالَ: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [يوسف: ١٨] ثُمَّ تَحَوَّلْتُ على فِرَاشِي، وَأَنا أَرْجُو أَنْ يُبَرِّئَنِي اللَّهُ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ ما ظَنَنْتُ أَنْ يُنَزِّلَ (٤٥) فِي شَأنِي وَحْيًا، وَلأَنا أَحْقَرُ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ فِي أَمْرِي، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ فِي النَّوْمِ رُؤْيا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ، فَوَاللَّهِ (٤٦) ما رَامَ مَجْلِسَهُ، وَلا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ (٤٧)، فَأَخَذَهُ ما كَانَ يَأخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسُولِ اللَّهِ وهو يَضْحَكُ، فَكَانَ

⦗٥٣٩⦘

أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِها أَنْ قالَ لِي: «يا عَائِشَةُ، احْمَدِي اللَّهَ، فَقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ». فقالتْ (٤٨) لِي أُمِّي: قُومِي إلى رَسُولِ اللَّهِ . فَقُلْتُ: لا وَاللَّهِ لا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ﴾ الآيَاتِ [النور: ١١ - ٢٠]، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هذا فِي بَرَاءَتِي، قالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -وَكَانَ يُنْفِقُ على مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ-: وَاللَّهِ لا أُنْفِقُ على مِسْطَحٍ شَيْئًا (٤٩) أَبَدًا، بَعْدَما قالَ لِعَائِشَةَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا يَأتَلِ (٥٠) أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ (٥١)﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النور: ٢٢] فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي. فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ الَّذِي كَانَ يُجْرِي عَلَيْهِ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَسْأَلُ (٥٢) زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عن أَمْرِي، فَقالَ: «يا زَيْنَبُ، ما عَلِمْتِ؟ ما رَأَيْتِ؟» فقالتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللَّهِ ما عَلِمْتُ عَلَيْها إِلَّا خَيْرًا. قالَتْ: وَهْيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي، فَعَصَمَها اللَّهُ بِالْوَرَعِ.

قالَ: وَحدَّثنا فُلَيْحٌ، عن هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عن عُرْوَةَ، عن عَائِشَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. مِثْلَهُ.

قالَ: وَحدَّثنا فُلَيْحٌ، عن رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عن الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. مِثْلَهُ.


(١) صحَّح عليها في اليونينيَّة، وفي رواية [ق] ونسخة زيادة: «بنُ يونس»، وعليها علامة السقوط في (ب، ص).
(٢) بهامش (ب، ص): «الفاء ساكنة في اليونينية» ا هـ. لكنهم ضبطوها في المتن بالفتح.
(٣) في رواية أبي ذر والحَمُّويي والمُستملي: «أَخْرَجَ».
(٤) في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيّ: «ظَفَارٍ» وضبطت روايتهما في (ق، ب) بكسر الراء دون تنوين.
(٥) صحَّح عليها في اليونينيَّة، وفي رواية أبي ذر: «يُرَحِّلُونَ». وبهامش اليونينية: بخط اليونيني: قال عياض: رَحَلْتُ البعيرَ مخفف: شددتُ عليه الرَّحل، ومنه (ورْحَلُوا هودجي، ويرْحَلُونَ لي) في حديث الإفك، وعند الحافظ أبي ذر: «يُرَحِّلُونَ» مشددُ الحاء مع ضم الياء أخت الواو وفتح الراء، ولم أره في سائر تصرفاته إلا مخففًا، أعني مادة: شدَّ الرَّحل: رَحَلَهُ، قاله أبو علي. اهـ. وفي (ب، ص): «قاله علي».
(٦) في رواية أبي ذر: «فَرَحَّلُوهُ».
(٧) في (ب، ص): «رَفَعُوهُ».
(٨) في رواية أبي ذر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «سَيَفْقِدُونَنِي».
(٩) في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيّ: «حَتَّى».
(١٠) في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيّ: «والناسُ يُفِيضُونَ».
(١١) ضبطت في متن (ب) بضم الياء في أوله.
(١٢) بهامش اليونينية: «عند ابن الحطيئة عن أبي ذر: بضم اللام وسكون الطاء». اهـ.
(١٣) في رواية الحَمُّويي والمُستملي: «فَيَقُولُ».
(١٤) ضُبطت في اليونينية بلفظين: المثبت، و «نَقِهْتُ»، وصحَّح عليها في اليونينيَّة.
(١٥) في رواية أبي ذر: «مُتَبَرَّزُنَا» بفتح الراء.
(١٦) صحَّح عليها في اليونينيَّةن وضبطت في (ب، ص) بالراء المكسورة المخففة.
(١٧) ضبطت في (ب) بكسر الثاء.
(١٨) لفظة: «أهل» ثابتة في رواية الكُشْمِيْهَنِيّ أيضاً.
(١٩) في رواية أبي ذر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «على». كتبت بالحمرة.
(٢٠) في رواية أبي ذر: «الناسُ بِهِ».
(٢١) ضُبطت في اليونينية بلفظين: المثبت، و «وَضِيئَةً».
(٢٢) في رواية أبي ذر: «تَحَدَّثَ».
(٢٣) صحَّح عليها في اليونينيَّة.
(٢٤) قوله: «واللهِ» ليس في رواية أبي ذر.
(٢٥) في رواية الحَمُّويي والمُستملي: «لَمْ يُضَيَّقْ عَلَيْكَ». وزاد في (ن، ق) نسبتها إلى رواية أبي ذر أيضًا.
(٢٦) ضبطت في (ب) بضم الياء في أوله.
(٢٧) في رواية أبي ذر والمُستملي زيادة: «قَطُّ».
(٢٨) قوله: «بن معاذ» ليس في رواية أبي ذر ولا في رواية السَّمعاني عن أبي الوقت.
(٢٩) في رواية أبي ذر والمُستملي: «والله أَنَا».
(٣٠) لفظة: «من» ليست في رواية أبي ذر.
(٣١) في رواية أبي ذر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «وَكَانَ».
(٣٢) في رواية أبي ذر عن المُستملي: «لَعَمْرُ اللَّهِ، وَاللهِ لا تقتله».
(٣٣) في رواية أبي ذر: «حُضَيْرٍ».
(٣٤) صحَّح عليها في اليونينيَّة.
(٣٥) في رواية أبي ذر: «وَقَدْ». قارن بما في الإرشاد.
(٣٦) في رواية أبي ذر والحَمُّويي والمُستملي: «لَيْلَتِي» بالإفراد.
(٣٧) في رواية الكُشْمِيْهَنِيّ ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «وَيَوْمِي».
(٣٨) في (ب): «إذا».
(٣٩) في رواية أبي ذر: «مِنْ يَوْمٍ».
(٤٠) في رواية أبي ذر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «لِي».
(٤١) في رواية السَّمعاني عن أبي الوقت ورواية أبي ذر عن الكُشْمِيْهَنِيّ: «بِشَيْءٍ».
(٤٢) في رواية السَّمعاني عن أبي الوقت ورواية أبي ذر عن الكُشْمِيْهَنِيّ زيادة: «بِذَنْبٍ».
(٤٣) نقل ضبطها عن اليونينية بالنصب في (ب، ص)، وبالرفع عن فرعين.
(٤٤) في رواية أبي ذر: «لا تُصَدِّقُونَنِي».
(٤٥) صحَّح عليها في اليونينيَّة، وضبطت في (ق، ص) بتخفيف الزاي، وضبطت في (ب): «يَنْزِلَ».
(٤٦) في رواية أبي ذر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «تُبَرِّئُنِي فَوَاللهِ».
(٤٧) في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيِّ زيادة: «الوَحْيُ».
(٤٨) في رواية أبي ذر: «قالت».
(٤٩) في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيِّ: «بِشَيْءٍ»، وعزاها في (ب) لرواية أبي ذر فقط.
(٥٠) في اليونينية بالإبدال على قراءة ورش والسوسي، وقراءة حمزة وقفًا.
(٥١) في رواية أبي ذر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت زيادة: «﴿أَن يُؤْتُوا﴾».
(٥٢) في رواية أبي ذر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «سَأَلَ».