للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٨٠٦ - حدَّثنا أبو اليَمانِ، قالَ: أخبَرَنا شُعَيْبٌ، عن الزُّهْرِيِّ، قالَ: أخبَرني سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ وَعَطاءُ بنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ:

⦗٤٢٩⦘

أَنَّ أَبا هُرَيْرَةَ أخبَرهما: أَنَّ النَّاسَ قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنا يَوْمَ القِيامَةِ؟ قالَ: «هَلْ تُمارُونَ فِي القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، لَيْسَ دُونَهُ سَحابٌ؟» قالُوا: لا يا رَسُولَ اللَّهِ. قالَ: «فَهَلْ تُمارُونَ فِي الشَّمْسِ (١) لَيْسَ دُونَها سَحابٌ؟» قالُوا: لا (٢). قالَ: «فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ، يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيامَةِ، فَيَقُولُ: مَنْ كانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْ (٣). فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الشَّمْسَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ القَمَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الطَّواغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فيها مُنافِقُوها، فَيَأتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ: أَنا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: هَذا مَكانُنا حَتَّى يَأتِيَنا رَبُّنا، فَإِذا جاءَ رَبُّنا عَرَفْناهُ. فَيَأتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ: أَنا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنا. فَيَدْعُوهُمْ فَيُضْرَبُ (٤) الصِّراطُ بَيْنَ ظَهْرانَيْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ، وَلا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئذٍ أَحَدٌ إلَّا الرُّسُلُ، وَكَلامُ الرُّسُلِ يَوْمَئذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ. وَفِي جَهَنَّمَ كَلالِيبُ

مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدانِ، هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدانِ؟» قالُوا: نَعَمْ. قالَ: «فَإِنَّها مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدانِ، غَيْرَ أَنَّهُ لا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِها إلَّا اللَّهُ، تَخْطَفُ (٥) النَّاسَ بِأَعْمالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو، حَتَّى إذا أَرادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ اللَّهُ المَلائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثارِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ على النَّارِ أَنْ تَأكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأكُلُهُ النَّارُ إلَّا أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتَحَشُوا (٦) فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ ماءُ الحَياةِ، فَيَنْبُتُونَ كَما تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنَ القَضاءِ بَيْنَ العِبادِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الجَنَّةِ والنَّارِ، وهو آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الجَنَّةَ، مُقْبِلٌ (٧) بِوَجْهِهِ قِبَلَ النَّارِ، فَيَقُولُ: يا رَبِّ، اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ (٨)

⦗٤٣٠⦘

النَّارِ، قَدْ (٩) قَشَبَنِي رِيحُها، وَأَحْرَقَنِي ذَكاؤُها (١٠). فَيَقُولُ: هَلْ عَسيْتَ إِنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: لا وَعِزَّتِكَ. فَيُعْطِي اللَّهَ ما يَشاءُ (١١) مِنْ عَهْدٍ وَمِيثاقٍ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عن النَّارِ، فَإِذا أَقْبَلَ بِهِ على الجَنَّةِ رَأَى بَهْجَتَها سَكَتَ ما شاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ قالَ: يا رَبِّ قَدِّمْنِي عِنْدَ بابِ الجَنَّةِ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ العُهُودَ والْمَيثِاقَ (١٢) أَنْ لا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنْتَ سَأَلْتَ؟! فَيَقُولُ: يا رَبِّ، لا أَكُونُ (١٣) أَشْقَى خَلْقِكَ. فَيَقُولُ: فَما عَسيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ لا تَسْأَلَ (١٤) غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لا وَعِزَّتِكَ، لا أَسْأَلُ (١٥) غَيْرَ ذَلِكَ. فَيُعْطِي رَبَّهُ ما شاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثاقٍ، فَيُقَدِّمُهُ إلى بابِ الجَنَّةِ، فَإِذا بَلَغَ بابَها، فَرَأَى زَهْرَتَها، وَما فيها مِنَ النَّضْرَةِ والسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ ما شاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، فَيَقُولُ: يا رَبِّ أَدْخِلْنِي الجَنَّةَ. فَيَقُولُ اللَّهُ: وَيْحَكَ يا ابْنَ آدَمَ، ما أَغْدَرَكَ! أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ العُهُودَ (١٦) والْمِيثاقَ (١٧) أَنْ لا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ؟! فَيَقُولُ: يا رَبِّ، لا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ. فَيَضْحَكُ اللَّهُ ﷿ مِنْهُ (١٨)، ثُمَّ يَأذَنُ لَهُ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ، فَيَقُولُ: تَمَنَّ. فَيَتَمَنَّى حَتَّى إذا انْقَطَعَ (١٩) أُمْنِيَّتُهُ، قالَ اللَّهُ ﷿: مِنْ كَذا وَكَذا (٢٠). أَقْبَلَ يُذَكِّرُهُ رَبُّهُ، حَتَّى إذا انْتَهَتْ بِهِ الأَمانِيُّ، قالَ اللَّهُ تَعالَى: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». قالَ أبو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ لأَبِي هُرَيْرَةَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قالَ: «قالَ اللَّهُ: لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثالِهِ». قالَ أبو هُرَيْرَةَ: لَمْ

⦗٤٣١⦘

أَحْفَظْ (٢١) مِنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلَّا قَوْلَهُ: «لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». قالَ أبو سَعِيدٍ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يقولُ: «ذَلِكَ لَكَ (٢٢) وَعَشَرَةُ أَمْثالِهِ».


(١) في رواية أبي ذر والأصيلي: «في رُؤيةِ الشمسِ».
(٢) في رواية الأصيلي زيادة: «يا رسول الله».
(٣) ضبطت في (ن): «فليتبَعْ»، وأهمل ضبطها في (و)، وفي رواية أبي ذر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «فَلْيَتْبَعْهُ».
(٤) في رواية أبي ذر والأصيلي وابن عساكر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «ويُضْرَبُ».
(٥) في رواية الكُشْمِيْهَنِيّ: «فتخطِف» بالتاء والياء (ن، ق)، وضبطت روايته في (و) بالتاء فقط، وضبطت روايته في (ب، ص): «فَتَخْتَطِفُ».
(٦) بضم التاء المثناة الفوقية وكسر الحاء، وبفتحهما أيضًا، هكذا بالضبطين في اليونينية.
(٧) في رواية أبي ذر وابن عساكر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «مُقبِلًا» بالنصب.
(٨) في رواية الحَمُّويي والمُستملي: «من».
(٩) في رواية أبي ذر: «فقد».
(١٠) في رواية أبي ذر: «ذَكاها».
(١١) في رواية أبي ذر والأصيلي وابن عساكر: «ما شاء».
(١٢) في رواية أبي ذر والأصيلي: «والمَواثِيقَ».
(١٣) في رواية الكُشْمِيْهَنِيِّ: «لا أكُونَنَّ».
(١٤) في رواية أبي ذر والأصيلي وابن عساكر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «أنْ تسأل».
(١٥) في رواية أبي ذر والأصيلي وابن عساكر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «لا أسألُكَ».
(١٦) هكذا في رواية أبي ذر عن الكُشْمِيْهَنِيِّ أيضًا: بالجمع، وفي روايته عن الحَمُّويي والمُستملي: «العَهْدَ» بالإفراد.
(١٧) في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيّ: «والمَواثِيقَ».
(١٨) لفظة: «منه» ليست في رواية الأصيلي.
(١٩) في رواية الأصيلي ورواية أبي ذر عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: «انقطعَتْ».
(٢٠) في رواية أبي ذر: «زِدْ من كذا وكذا»، وفي رواية ابن عساكر: «تَمَنَّ كذا وكذا».
(٢١) في رواية أبي ذر عن الحَمُّويي والمُستملي: «لم أحفظه».
(٢٢) في رواية الكُشْمِيْهَنِيّ: «لك ذلك».