للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤٧٢٦ - حدَّثنا (١) إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أخبَرَنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ: أَنَّ ابْنَ

جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ (٢): أخبَرَني يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا على صَاحِبِهِ، وَغَيْرَُهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ (٣) عن سَعِيدٍ (٤) قالَ:

إِنَّا لَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي بَيْتِهِ، إِذْ قالَ: سَلُونِي. قُلْتُ: أَيْ أَبَا عَبَّاسٍ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ قَاصٌّ (٥) يُقالُ لَهُ: نَوْفٌ، يَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَمَّا عَمْرٌو فقالَ لِي: قالَ: قَدْ (٦) كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ. وَأَمَّا يَعْلَى فقالَ لِي: قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حدَّثني أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مُوسَى رَسُولُ اللَّهِ قالَ - ذَكَّرَ النَّاسَ يَوْمًا، حَتَّى إذا فَاضَتِ الْعُيُونُ وَرَقَّتِ الْقُلُوبُ وَلَّى، فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ فقالَ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ فِي الأَرْضِ أَحَدٌ أَعْلَمُ مِنْكَ؟ قالَ: لَا. فَعَتَبَ اللهُ (٧) عَلَيْهِ

⦗١٦٣⦘

إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إلى اللَّهِ. قِيلَ: بَلَى. قالَ: أَيْ رَبِّ، فَأَيْنَ (٨)؟ قالَ: بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. قالَ: أَيْ رَبِّ، اجْعَلْ لِي عَلَمًا (٩) أَعْلَمُ ذَلِكَ بِهِ (١٠)، فَقالَ (١١) لِي عَمْرٌو: قالَ: حَيْثُ يُفَارِقُكَ الْحُوتُ، وَقالَ لِي يَعْلَى: قالَ: خُذْ نُونًا (١٢) مَيِّتًا، حَيْثُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ، فقالَ لِفَتَاهُ: لَا أُكَلِّفُكَ إِلَّا أَنْ تُخْبِرَنِي بِحَيْثُ يُفَارِقُكَ الْحُوتُ، قالَ: ما كَلَّفْتَ كَثِيرًا (١٣)، فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ﴾ [آية: ٦٠] يُوشَعَ بْنِ نُونٍ -لَيْسَتْ عن سَعِيدٍ- قالَ: فَبَيْنَمَا هو فِي ظِلِّ صَخْرَةٍ فِي مَكَانٍ ثَرْيَانَ (١٤)، إِذْ تَضَرَّبَ الْحُوتُ وَمُوسَى نَائِمٌ، فقالَ فَتَاهُ: لَا أُوقِظُهُ، حَتَّى إذا اسْتَيْقَظَ نَسِيَ (١٥) أَنْ يُخْبِرَهُ، وَتَضَرَّبَ الْحُوتُ حَتَّى دَخَلَ الْبَحْرَ، فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُ جِرْيَةَ الْبَحْرِ، حَتَّى كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ. قالَ لِي عَمْرٌو: هَكَذَا كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ (١٦) -وَحَلَّقَ بَيْنَ إِبْهَامَيْهِ وَاللَّتَيْنِ (١٧) تَلِيانِهِمَا- لقد لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا. قالَ: قَدْ قَطَعَ اللَّهُ عَنْكَ النَّصَبَ -لَيْسَتْ هَذِهِ عن سَعِيدٍ- أَخْبَرَهُ (١٨)

⦗١٦٤⦘

فَرَجَعَا، فَوَجَدَا خَضِرًا. قالَ لِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: على طِنْفِسَةٍ (١٩) خَضْرَاءَ على كَبدِ (٢٠) الْبَحْرِ، قالَ (٢١) سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مُسَجًّى بِثَوْبِهِ، قَدْ جَعَلَ طَرَفَهُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ وَطَرَفَهُ تَحْتَ رَأسِهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى فَكَشَفَ عن وَجْهِهِ وَقالَ: هَلْ بِأَرْضِي (٢٢) مِنْ سَلَامٍ، مَنْ أَنْتَ؟ قالَ: أَنَا مُوسَى. قالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قالَ: نَعَمْ. قالَ: فَمَا شَأنُكَ؟ قالَ: جِئْتُ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا. قالَ: أَمَا يَكْفِيكَ أَنَّ التَّوْرَاةَ بِيَدَيْكَ، وَأَنَّ الْوَحْيَ يَأتِيكَ؟ يَا مُوسَى (٢٣)، إِنَّ لِي عِلْمًا لَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَعْلَمَهُ وَإِنَّ لَكَ عِلْمًا لَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَعْلَمَهُ، فَأَخَذَ طَائِرٌ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ، وَقالَ (٢٤): وَاللَّهِ مَا عِلْمِي وَمَا عِلْمُكَ (٢٥) فِي جَنْبِ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا كَمَا أَخَذَ هَذَا الطَّائِرُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ. حَتَّى إذا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ وَجَدَا مَعَابِرَ صِغَارًا، تَحْمِلُ أَهْلَ هَذَا السَّاحِلِ إلى أَهْلِ هَذَا السَّاحِلِ الآخَرِ. عَرَفُوهُ، فقالُوا: عَبْدُ اللَّهِ الصَّالِحُ -قالَ: قُلْنَا لِسَعِيدٍ: خَضِرٌ؟

قالَ: نَعَمْ- لَا نَحْمِلُهُ بِأَجْرٍ، فَخَرَقَهَا وَوَتَدَ (٢٦) فيها وَتِدًا، قالَ مُوسَى: ﴿أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ (٢٧) شَيْئًا إِمْرًا﴾ -قالَ مُجَاهِدٌ: مُنْكَرًا- قالَ: أَلَمْ أَقُلْ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا؟ كَانَتِ الأُولَى نِسْيَانًا، وَالْوُسْطَى شَرْطًا، وَالثَّالِثَةُ عَمْدًا، قالَ: ﴿لَا تُؤاخِذْنِي (٢٨) بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾، ﴿لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ (٢٩)﴾. قالَ يَعْلَى: قالَ سَعِيدٌ: وَجَدَ غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ، فَأَخَذَ غُلَامًا كَافِرًا ظَرِيفًا فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ بِالسِّكِّينِ،

⦗١٦٥⦘

قالَ: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ -لَمْ تَعْمَلْ بِالْحِنْثِ (٣٠)، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ (٣١) قَرَأهَا: زَكِيَّةً زَاكِيَةً مُسْلِمَةً، كَقَوْلِكَ غُلَامًا زَاكِيًا (٣٢) - فَانْطَلَقَا ﴿فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ﴾ -قالَ سَعِيدٌ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَرَفَعَ يَدَهُ- فَاسْتَقَامَ -قالَ يَعْلَى: حَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدًا قالَ: فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ (٣٣) فَاسْتَقَامَ- ﴿لَوْ شِئْتَ (٣٤) لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ -قالَ سَعِيدٌ: أَجْرًا نَأْكُلُهُ- وَكَانَ وَرَاءهُمْ (٣٥) -وَكَانَ أَمَامَهُمْ، قَرَأهَا ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَامَهُمْ مَلِكٌ. يَزْعُمُونَ عن غَيْرِ سَعِيدٍ: أَنَّهُ هُدَدُ بْنُ بُدَدٍ (٣٦)، وَالْغُلَامُ الْمَقْتُولُ اسْمُهُ يَزْعُمُونَ جَيْسُورٌ (٣٧) - مَلِكٌ يَأخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا، فَأَرَدْتُ إذا هِيَ مَرَّتْ بِهِ أَنْ يَدَعَهَا لِعَيْبِهَا، فَإِذَا جَاوَزُوا أَصْلَحُوهَا فَانْتَفَعُوا بها -وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: سَدُّوهَا بِقَارُورَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِالْقَارِ- ﴿كَانَ أَبَوَاهُ مُؤمِنَيْنِ (٣٨)﴾ وَكَانَ كَافِرًا، ﴿فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾ أَنْ يَحْمِلَهُمَا حُبُّهُ على أَنْ يُتَابِعَاهُ على دِينِهِ ﴿فَأَرَدْنَا أَن يُبَدِّلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً﴾ لِقَوْلِهِ: قَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً، ﴿وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾ (٣٩)، (وَأَقْرَبَ رَحِمًا (٤٠)) هُمَا بِهِ أَرْحَمُ منهما بِالأَوَّلِ الَّذِي قَتَلَ خَضِرٌ». وَزَعَمَ غَيْرُ سَعِيدٍ: أَنَّهُمَا أُبْدِلَا جَارِيَةً، وَأَمَّا دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فقالَ عن غَيْرِ وَاحِدٍ: إِنَّهَا جَارِيَةٌ (٤١).


(١) في رواية أبي ذر: «حدَّثني».
(٢) في (ب، ص) زيادة: «قالَ».
(٣) في رواية أبي ذر: «يُحدِّثُ»، وزاد في (و، ب، ص) نسبتها إلى رواية الكُشْمِيْهَنِيِّ أيضًا.
(٤) في رواية أبي ذر زيادة: «بنِ جُبَيْر».
(٥) في رواية أبي ذر والحَمُّويي والمُستملي: «إنَّ بالكوقة رجلًا قاصًّا».
(٦) لفظة: «قال: قد» ليست في رواية أبي ذر، والذي في (ب، ص) أن لفظة: «قال» فقط ليست في روايته، وهي مهمشة فيهما.
(٧) لفظ الجلالة ليس في (و، ب، ص).
(٨) في رواية أبي ذر: «وأين».
(٩) صحَّح عليها في اليونينيَّة.
(١٠) في رواية [ح]: «منه».
(١١) في رواية أبي ذر: «قال».
(١٢) في رواية أبي ذر والحَمُّوييِّ والمُستملي: «حُوتًا».
(١٣) في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيِّ: «كبيرًا».
(١٤) صحَّح عليها في اليونينيَّة.
(١٥) في رواية أبي ذر: «فنسي».
(١٦) بهامش (ب، ص): في نسخة: «جُحْر».
(١٧) في رواية أبي ذر والحَمُّويي والمُستملي: «والتي».
(١٨) ذكر بهامش اليونينية رواية أبي ذر، ولم يُخرِّج لها في الأصول كلها، ومفهوم الشروح أنَّ التخريج هنا، ثمَّ اختلفت الأصول في ضبط روايته، فالذي في (ن، و): «آخَرَهُ»، وفي (ب): «أَخَرَةَ»، وفي (ص): «آخَرَةً». قال في الفتح: قوله: «أخره» كذا عند أبي ذر بهمزة ومعجمة وراء وهاء، ثم في نسخة منه بمد الهمزة وكسر الخاء وفتح الراء بعدها هاء ضمير [أي: آخِرَهُ] أي: إلى آخر الكلام، وأحال ذلك على سياق الآية، وفي أخرى بفتحات وتاء تأنيث منونة منصوبة [أي: أَخَرَةً]، وفي رواية غير أبي ذر «أخبره» بفتح الهمزة وسكون الخاء ثم موحدة من الإخبار، أي: أخبر الفتى موسى بالقصة. اهـ.
(١٩) في رواية أبي ذر: «طِنْفَسةٍ».
(٢٠) ضبطت في (و) بفتح الباء: «كَبَدِ»، وفي (ص، ق) بكسرها، وفي (ب) بفتحها وكسرها معًا، وأهمل ضبطها في (ن).
(٢١) في رواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «فقال». قارن بما في الإرشاد.
(٢٢) في رواية أبي ذر عن الحَمُّويي والكُشْمِيْهَنِيِّ: «بأرضٍ».
(٢٣) قوله: «يا موسى» ثابت في رواية أبي ذر عن الحَمُّويي أيضًا.
(٢٤) في رواية أبي ذر: «فقال». كتبت بالحمرة.
(٢٥) في (ص): «وَاللَّهِ ما عِلْمِي وَعِلْمُكَ»، وهو موافق لنسخة البقاعي، وعزاها في (و) إلى رواية أبي ذر.
(٢٦) في رواية أبي ذر: «وتد» بدون واو.
(٢٧) في اليونينية بالإبدال على قراءة أبي جعفر وورش وأبي عمرو بخلف عنه، وبالهمز قراءة الباقين.
(٢٨) في اليونينية بالإبدال على قراءة أبي جعفر وورش وأبي عمرو بخلف عنه، وبالهمز قراءة الباقين.
(٢٩) لفظة: «فقتله» ثابتة في رواية الكُشْمِيْهَنِيِّ أيضًا.
(٣٠) بهامش اليونينية دون رقم: «بالخَبَثِ».
(٣١) في رواية أبي ذر وكريمة: «وابنُ عباس».
(٣٢) في (و، ب، ص): «زَكيًا».
(٣٣) في رواية أبي ذر والحَمُّوييِّ والمُستملي: «بيديه».
(٣٤) في اليونينية بالإبدال على قراءة أبي جعفر وورش وأبي عمرو بخلف عنه، وبالهمز قراءة الباقين.
(٣٥) في رواية أبي ذر زيادة: «مَلِكٌ».
(٣٦) بالمنع من الصرف في أبي ذر.
(٣٧) في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيِّ: «حَيْسُور».
(٣٨) في اليونينية بالإبدال على قراءة أبي جعفر وورش وأبي عمرو بخلف عنه، وبالهمز قراءة الباقين.
(٣٩) قوله: «﴿وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾» ليس في رواية أبي ذر.
(٤٠) بفتح الراء وكسر الحاء على قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير وأبي رجاء، انظر معجم القراءات: ٥: ٢٨٧، وضبطت في (و، ب، ص) على قراءة الجمهور بضم الراء وسكون الحاء.
(٤١) بهامش (ب، ص): في اليونينية هنا ما مثاله بلغت مائتا وعشرين. اهـ.