للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: ﴿بَلْ عَجِبْت (١) وَيَسْخَرُونَ﴾ (٢) [الصافات: ١٢].


(١) ضُبطت في اليونينية بالضم وبالرفع، وبالضم قرأ حمزة والكسائي وخلف، وبالفتح قرأ الباقون.
(٢) قال في «الفتح» [٨/ ٣٦٥ سلفية]: هكذا وقع في هذا الموضع معطوفًا على الإسناد الذي قبله … وقد أشكلت مناسبة إيراد هذه الآية في هذا الموضع؛ فإنَّها من سورة: ﴿وَالصَّافَّاتِ﴾ وليس في هذه السورة من معناها شيء، لكن أورد البخاري في الباب حديث عبد الله -وهو ابن مسعود- أنَّ قريشًا لما أبطؤوا على النَّبيِّ قال: «اللهم اّْكفنيهم بسبع كسبع يوسف .. » الحديث، ولا تظهر مناسبته أيضًا للترجمة المذكورة، وهي قوله: «باب قوله: ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ﴾ وقد تكلَّف لها أبو الإصبع عيسى بن سهل في شرحه … ما ملخصه: ترجم البخاري باب قوله: ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ﴾ وأدخل حديث ابن مسعود: أنَّ قريشًا لمَّا أبطؤوا .. الحديث، وأورد قبل ذلك في الترجمة عن ابن مسعود: ﴿بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ﴾ قال: فانتهى إلى موضع الفائدة ولم يذكرها، وهو قوله: ﴿وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ﴾ قال: ويؤخذ من ذلك مناسبة التبويب المذكورة، ووجهه: أنَّه شبَّه ما عرض ليوسف مع إخوته ومع امرأة العزيز بما عرض لمحمد مع قومه حين أخرجوه من وطنه، كما أخرج يوسفَ إخوته وباعوه لمن استعبده، فلم يعنف النَّبيُّ قومه لما فتح مكة كما لم يعنف يوسف إخوته حين قالوا له: ﴿تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا﴾، ودعا النَّبيُّ بالمطر لمَّا سأله أبو سفيان أن يستسقي لهم كما دعا يوسف لإخوته لما جاؤوه نادمين فقال: ﴿لَا تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ﴾ قال: فمعنى الآية: بل عجبتَ من حلمي عنهم مع سخريتهم بك وتماديهم على غيهم، وعلى قراءة ابن مسعود بالضم: بل عجبتُ من حلمك عن قومك إذ أتوك متوسلين بك فدعوت فكشف عنهم، وذلك كحلم يوسف عن إخوته إذ أتوه محتاجين، وكحلمه عن امرأة العزيز حيث أغرت به سيدها وكذبت عليه ثم سجنته ثم عفا عنها بعد ذلك ولم يؤاخذها، قال: فظهر تناسب هاتين الآيتين في المعنى مع بعدِ الظاهر بينهما، قال: ومثل هذا كثير في كتابه ممَّا عابه به مَن لم يفتح الله عليه والله المستعان. ومن تمام ذلك أن يُقال تظهر المناسبة أيضًا بين القصتين من قوله في الصافات: ﴿وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ﴾ فإنَّ فيها إشارة إلى تماديهم على كفرهم وغيهم، ومن قوله في قصة يوسف: ﴿ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾. قال الكرماني: أورد البخاري هذه الكلمة وإن كانت في الصافات هنا إشارة إلى أنَّ ابن مسعود كان يقرؤها بالضم كما يقرأ ﴿هَيْتُ﴾ بالضم. انتهى، وهي مناسبة لا بأس بها إلَّا أنَّ الذي تقدَّم عن ابن سهل أدقُّ والله أعلم. اهـ.