للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤٧٥٠ - حدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حدَّثنا اللَّيْثُ، عن يُونُسَ، عن ابْنِ شِهَابٍ، قالَ: أخبَرَني عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عن حَدِيثِ عَائِشَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ ، حِينَ قالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ ما قَالُوا، فَبَرَّأهَا اللَّهُ مِمَّا قَالُوا، وَكُلٌّ حدَّثني طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ، الَّذِي حدَّثني عُرْوَةُ

عَنْ عَائِشَةَ :

أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ قالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إذا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بها رَسُولُ اللَّهِ مَعَهُ، قالَتْ عَائِشَةُ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ بَعْدَما نَزَلَ الْحِجَابُ، فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إذا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ، وَدَنَوْنَا (١) مِنَ الْمَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأنِي أَقْبَلْتُ إلى رَحْلِي، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارٍ (٢) قَدِ انْقَطَعَ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي وَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وَأَقْبَلَ (٣) الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي، فَرَحَلُوهُ (٤) على بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ رَكِبْتُ وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا

⦗١٨٨⦘

لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا تَأكُلُ (٥) الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَما اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بها دَاعٍ وَلا مُجِيبٌ، فَأَمَمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي (٦) فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَدْلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَأَتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَكَانَ يَرَانِي (٧) قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَاللَّهِ (٨) ما كَلَّمَنِي (٩) كَلِمَةً وَلَا سَمِعْتُ

منه كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، حَتَّى (١٠) أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ على يَدَيْهَا (١١) فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَما نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى الإِفْكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ (١٢) سَلُولَ (١٣)، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، لَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وهو يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لَا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ اللَّطَفَ (١٤) الَّذِي كُنْتُ أَرَى منه حِينَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ: «كَيْفَ تِيْكُمْ؟». ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَاكَ الَّذِي يَرِيبُنِي وَلَا أَشْعُرُ (١٥)، حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَما نَقَهْتُ، فَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، وهو مُتَبَرَّزُنَا، وَكُنَّا لَا نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ

أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِي التَّبَرُّزِ قِبَلَ الْغَائِطِ، فَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ، وَهيَ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ

⦗١٨٩⦘

بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي قَدْ (١٦) فَرَغْنَا مِنْ شَأنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا، فقالتْ: تَعسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ ما قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟! قالَتْ: أَيْ هَنْتَاهُ (١٧)، أَوَلَمْ تَسْمَعِي ما قالَ؟ قالَتْ: قُلْتُ: وَمَا قالَ؟ فَأَخْبَرَتْنِي (١٨) بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا على مَرَضِي، فَلَمَّا (١٩) رَجَعْتُ إلى بَيْتِي وَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -تَعْنِي- سَلَّمَ (٢٠) ثُمَّ قالَ: «كَيْفَ تِيكُمْ؟». فَقُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ؟ قالَتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، قالَتْ: فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ، فَجِئْتُ أَبَوَيَّ، فَقُلْتُ لِأُمِّي: يَا أُمَّتَاهْ ما يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قالَتْ: يَا بُنَيَّةُِ (٢١) هَوِّنِي عَلَيْكَ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّ مَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً (٢٢)، عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، وَلَهَا (٢٣) ضَرَائِرُ إِلَّا كَثَّرْنَ (٢٤) عَلَيْهَا. قالَتْ: فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! وَلَقَدْ (٢٥) تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟ قالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ حَتَّى أَصْبَحْتُ أَبْكِي، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ، يَسْتَأمِرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، قالَتْ: فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَأَشَارَ على رَسُولِ اللَّهِ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْوُدِّ، فقالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَهْلَكَ وَمَا (٢٦) نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا. وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فقالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَإِنْ تَسْأَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ. قالَتْ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ بَرِيرَةَ فقالَ: «أَيْ بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ

⦗١٩٠⦘

مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ؟». قالَتْ بَرِيرَةُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عن عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأتِي الدَّاجِنُ فَتَأكُلُهُ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ فَاسْتَعْذَرَ يَوْمَئِذٍ مِنْ عَبْدِ للَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، قالَتْ: فقالَ رَسُولُ اللَّهِ وهو على الْمِنْبَرِ: «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي، فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ على (٢٧) أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ على أَهْلِي إِلَّا مَعِي». فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الأَنْصَارِيُّ فقالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ

مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ، أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ. قالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وهو سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فقالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، لَا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ على قَتْلِهِ. فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ (٢٨)، وهو ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ (٢٩)، فقالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عن الْمُنَافِقِينَ. فَتَثَاوَرَ الْحَيَّانِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ قَائِمٌ على الْمِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَنُوا (٣٠) وَسَكَتَ. قالَتْ: فَمَكُثْتُ (٣١) يَوْمِي ذَلِكَ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، قالَتْ: فَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا، لَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وَلَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، يَظُنَّانِ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قالَتْ: فَبَيْنَا (٣٢) هما جَالِسَانِ (٣٣) عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي، فَاسْتَأذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ على ذَلِكَ (٣٤) دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي

⦗١٩١⦘

مُنْذُ قِيلَ ما قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأنِي. قالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قالَ: «أَمَّا بَعْدُ، يَا عَائِشَةُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إذا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ إلى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ (٣٥) عَلَيْهِ». قالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ مَقالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي، حَتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، فَقُلْتُ لأَبِي: أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ فِيمَا قالَ. قالَ: وَاللَّهِ ما أَدْرِي ما أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ . فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ . قالَتْ: ما أَدْرِي ما أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ . قالَتْ: فَقُلْتُ (٣٦)، وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ: إِنِّي وَاللَّهِ لقد عَلِمْتُ لقد سَمِعْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي بَرِيئَةٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ، لا تُصَدِّقُونِي (٣٧). قالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ على فِرَاشِي، قالَتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ ما كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ فِي شَأنِي وَحْيًا يُتْلَى، وَلَشَأنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنْ (٣٨) كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ

فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا. قالَتْ: فَوَاللَّهِ ما رَامَ رَسُولُ اللَّهِ ، وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ ما كَانَ يَأخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ، وهو فِي يَوْمٍ شَاتٍ، مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي يُنْزَلُ عَلَيْهِ. قالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسُولِ اللَّهِ سُرِّيَ عَنْهُ وهو يَضْحَكُ، فَكَانَتْ (٣٩) أَوَّل كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا: «يَا عَائِشَةُ، أَمَّا اللَّهُ ﷿ فَقَدْ بَرَّأَكِ». فقالتْ (٤٠) أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ. قالَتْ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ (٤١)

⦗١٩٢⦘

لَا أَقُومُ إِلَيْهِ وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ ﷿، وَأَنْزَلَ (٤٢) اللَّهُ (٤٣): ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسبُوهُ (٤٤)[آية: ١١] الْعَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي، قالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ، وَكَانَ يُنْفِقُ على مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه وَفَقْرِهِ: وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ على مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا، بَعْدَ الَّذِي قالَ لِعَائِشَةَ ما قالَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَلَا يَأتَلِ (٤٥) أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [آية: ٢٢]. قالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقالَ: وَاللَّهِ لَا أَنْزِعُهَا منه أَبَدًا. قالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَسْأَلُ (٤٦) زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ عن أَمْرِي، فقالَ: «يَا زَيْنَبُ مَاذَا عَلِمْتِ؟ أَوْ: رَأَيْتِ؟». فقالتْ (٤٧): يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، ما عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا، قالَتْ: وَهيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّه فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ مِنْ أَصْحَابِ الإِفْكِ.


(١) في رواية أبي ذر والحَمُّويي والمُستملي: «دنونا».
(٢) في رواية أبي ذر: «أظْفارٍ».
(٣) في رواية أبي ذر: «فأقبل».
(٤) وضع علامة التَّخفيف على حاء «فَرَحَلُوهُ» في اليونينيَّة.
(٥) في رواية أبي ذر والحَمُّويي والمُستملي: «يأكلن».
(٦) في رواية أبي ذر: «سَيَفْقِدُونَنِي».
(٧) في رواية أبي ذر: «رآني».
(٨) في رواية أبي ذر: «وَوَاللهِ».
(٩) في رواية أبي ذر: «ما يُكَلِّمُنِي».
(١٠) في رواية أبي ذر والحَمُّويي والمُستملي: «حين».
(١١) في رواية أبي ذر: «يَدِها».
(١٢) صحَّح عليها في اليونينيَّة.
(١٣) في (و، ع، ق): «عَبْدُ اللَّهِ بْن أُبَيِّ ابْنُ سَلُول» بالرفع.
(١٤) في رواية أبي ذر: «اللُّطْفَ».
(١٥) في رواية أبي ذر زيادة: «بالشَّرِّ».
(١٦) في رواية أبي ذر: «وقد».
(١٧) ضبطت في (و، ب، ص) بسكون آخرها.
(١٨) في رواية أبي ذر: «قالت: فأخبَرَتني».
(١٩) في رواية أبي ذر: «قالت: فلما».
(٢٠) قوله: «تعني سلَّم» ليس في رواية أبي ذر.
(٢١) ضبطت في متن اليونينية بضبطين: بُنَيَّةُ، بُنَيَّةِ.
(٢٢) في رواية أبي ذر: «وضيئةٌ».
(٢٣) في رواية أبي ذر: «لها» بدون الواو.
(٢٤) في رواية أبي ذر عن الحَمُّويي والمُستملي: «أكثرن».
(٢٥) في رواية أبي ذر: «أوَلَقَدْ».
(٢٦) في رواية أبي ذر: «أهلُكَ ولَا».
(٢٧) في رواية أبي ذر: «في».
(٢٨) في رواية أبي ذر: «الحضير».
(٢٩) في رواية أبي ذر زيادة: «بنِ مُعاذٍ».
(٣٠) في رواية أبي ذر: «سَكَتوا»، وهي المثبتة في المتن والهامش في (و، ص)، ولم يُشدِّد الفاء من قوله: «يُخَفِضُهُمْ» في (ن، و).
(٣١) في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيِّ: «فَبَكَيْتُ».
(٣٢) لفظة: «فبينا» ثابتة في رواية أبي ذر عن الحَمُّويي والمُستملي أيضًا. (ب، ص).
(٣٣) في رواية أبي ذر: «جالِسَيْنِ».
(٣٤) في رواية الكُشْمِيْهَنِيِّ: «نحن كَذلِك».
(٣٥) لفظ الجلالة ليس في رواية أبي ذر.
(٣٦) في رواية أبي ذر: «قلت».
(٣٧) في رواية أبي ذر: «لا تصدِّقونني».
(٣٨) في رواية أبي ذر عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: «ولكنني»، وفي رواية أبي ذر عن الحَمُّويي والمُستملي: «ولكني».
(٣٩) في رواية أبي ذر عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: «فكان». ونقل في (ب، ص) ضبط «أول» من الفرع. وكلمة: «أَوَّل» بعدها ضبطت في متن اليونينية بضبطين: أَوَّلَ، أَوَّلُ.
(٤٠) في رواية أبي ذر: «قالت».
(٤١) في رواية أبي ذر: «لا واللهِ».
(٤٢) في رواية أبي ذر: «فأنزل».
(٤٣) في رواية أبي ذر زيادة: «﷿». (ب، ص).
(٤٤) قوله: «لا تحسبوه» ضُبط في اليونينية بكسر السين وفتحها، وهو ليس في رواية أبي ذر، وبكسر السين قرأ الجمهور عدا حفص وابن عامر وحمزة وأبي جعفر فقرؤوا بفتحها.
(٤٥) في اليونينية بالإبدال على قراءة ورش والسوسي.
(٤٦) في رواية أبي ذر: «سألَ».
(٤٧) في رواية أبي ذر: «قالت».