للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حامداً لله تعالى ومصلياً على نبيِّهِ ومسلماً.

وشاهدتُ على السِّفرِ الثاني طبقةً نحو هذه الطبقةِ، وهي بخطِّ المولى الرئيس جمالِ الدينِ أبي العباسِ أحمدَ بن المولى المرحوم شرفِ الدين محمدِ بن القَلَانِسِيِّ التَّمِيْمِيِّ، وهو المبدأُ باسمهِ في هذه الطبقةِ بعد القَاري، وكتبهُ أحمدُ البكريُّ.

هذا مجموعُ ما وجدتُهُ على الأصلِ الذي نقلتُهُ، وقابلتُ به ومنه سمعتُ، وهو كتابُ الشيخِ شرفِ الدينِ أبي الحُسين اليُوْنِيْنِيِّ المُسْمِعِ المُسَمَّى، أعلا هذه الأحرفُ الذي قابله واعتنى به، وأسمعَهُ مِرَارَاً، لم أنزلْ من ذلك إلا طبقةً واحدة بخطِّ الشيخِ المرحومِ شمسِ الدِّينِ محمدِ بن عبدِ الرَّحمنِ بن سَامَه رحمه الله تعالى (١)، كتبها لنفسهِ أنه قرأ جميعَ الصحيحِ على الشيخِ شرفِ الدينِ المذكورِ في رجب، عام ستةٍ وتسعينَ وستمائةٍ، بمسجدِ الحنابلةِ بِبَعْلَبَكَّ، وإنما تركتُ نقلها بحكمِ وفاةِ شمسِ الدِّينِ المذكورِ، ولم يشركْه في الطبقةِ غيره، وما علمتُ أنه أسمعَ الكتابَ في حالِ حياتِهِ، والله تعالى أعلمُ، والحمدُ لله وحدَهُ، وصلواته على نبيهِ محمدٍ وآله وصحبهِ وسلم تسليماً كثيراً.

[[طبقات السماع التي نقلها تقي الدين السبكي ]]

شاهدتُ في أصلهِ بخطِّ الشيخِ الإمامِ العالمِ الأوحدِ العلامةِ، مجموعِ الفضائل، تقيِّ الدِّينِ مُفتي المسلمينَ: أبي الحسنِ عليِّ بن عبدِ الكافي بن يحيى السبكيِّ الفقيهِ الشافعي (٢) -أثابه الله تعالى- ما مثاله:

الشيخةُ ستُّ الوزراءِ ابنةُ الإمامِ العالمِ شمسِ الدِّينِ عمرَ بن القاضي العلامةِ وجيهِ الدينِ أسعدِ بن المُنجَّا التنوخي (٣)، مولدها سنة أربعٍ وعشرينَ وستمائة، سمعت صحيحَ البخاريِّ بكمالهِ، في سنة ثلاثينَ وستمائةٍ على ابنِ الزبيديِّ، وسماعُها موجودٌ في نسخةِ الحافظِ عبدِ الغنيِّ المقدسيِّ، بالمدرسةِ الضِّيائيةِ بسفحِ قاسيون.

الشيخُ شهابُ الدِّينِ أحمدُ بن أبي طالبِ بن أبي النُّعمِ نعمةُ بن حسنِ بن عليِّ بن بيانِ ابن الشحنةِ، الحَجَّارِ الصَّالحي (٤)، وأصله من دَيْرِ مُقْرِّنٍ من وادي بردى، مولده غير مُحَقَّقٍ لكنه أكبرُ من الشيخةِ المذكورةِ، بنحو سنتين أو ثلاث، ظهر اسمه في أوراقِ السامعينَ لصحيحِ البخاريِّ


(١) وهو: محمد بن عبد الرحمن بن سامة -بالمهملة مخففاً- بن كوكب بن عز بن حميد الطائي الحكمي، نسبة إلى حكمة من قرى السواد الدمشقي، نزيل القاهرة ولد سنة اثنين وستين وستمائة، وأُحضر على ابن عبد الدائم وعُني بالحديث، وسمع الكثير من ابن الدرجي وابن أبي عمر ويحيى بن أبي الخير وابن البخاري وغيرهم بدمشق، ومن العز الحراني وخطيب المزة وغازي وابن الانماطي وابن الخيمي وغيرهم بمصر، وارتحل إلى بغداد فسمع من الكمال ابن القويرة وغيره، وبواسط وبحلب والبصرة ووصل إلى اصبهان، وقرأ في البلاد التي دخلها وحصل الأصول وكان فصيحاً سريع القراءة حسن الكتابة، مشاركاً في فنون، متواضعاً عفيفاً ديناً، وله أوراد وكان عمه مجد الدين أحمد بن سامة محدثاً شروطياً، نسخ الكثير، ومات شمس الدين بالقاهرة في ذي الحجة سنة ثمان وسبعمائة، ذكره البرزالي ثم الذهبي في معجميهما قال البرزالي نشأ في طلب الحديث من صباه، وكان ثقة ولديه فضيلة وقراءته فصيحة متقنة، واستوطن مصر وولد له وكان ملازماً للتلاوة، وله مواعيد ووظائف وكان خطه صحيحاً مرغوباً. أعيان العصر وأعوان النصر [٤/ ٤٩٠] الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة [رقم: ١٣٣٩].
(٢) علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام ابن حامد بن يحيى بن عمر بن عثمان بن علي بن مسوار بن سوار ابن سليم السبكي، الشيخ الإمام الفقيه المحدث الحافظ المفسر المقرئ الأصولي المتكلم النحوي، شيخ الإسلام قاضي القضاة تقي الدين أبو الحسن، سمع على الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطي جميع كتاب الحلية لأبي نعيم الأصبهاني، وكتاب المستخرج على "صحيح مسلم" له. وقرأ على علي بن محمد بن هارون الحلبي صحيح البخاري. وسمع بدمشق من أبي جعفر محمد بن علي بن الموازيني ومحمد بن أبي العز بن مشرف وأبي بكر بن أحمد بن عبد الدائم وأحمد بن محمد الدشتي وسليمان بن حمزة وعيسى بن عبد الرحمن المطعم وإسحاق بن أبي بكر النحاس. وسمع بالاسكندرية من يحيى بن أحمد بن عبد العزيز بن الصواف وعبد الرحمن بن مخلوف بن جماعة ويحيى بن محمد بن عبد السلام ومحمد بن حسن بن التونسي. وبالقاهرة من علي بن نصر الله بن الصواف وعلي بن عيسى بن القيم وشهاب بن علي المحسني والحسن بن عبد الكريم سبط زيادة وأبي الفتح الموسوي ومحمد بن عبد العظيم بن السقطي ومحمد بن محمد بن عيسى الطباخ ومحمد بن المكرم الأنصاري ومحمد بن النصير بن أمين الدولة ويوسف بن أحمد بن عيسى المشهدي وعلي بن عمر بن أبي بكر الواني وعلي بن النصير بن بناء الدقوقي وخلق. وأجاز له من بغداد الرشيد محمد بن عبد الله بن أبي القاسم وأخوه علي وعلي بن تامر بن خضر الفخري وإسماعيل بن علي بن أحمد بن الطبال وعلي بن عثمان بن أبي عثمان الطيبي وعبد الغفار بن عبد الله بن محمد. وحدث بدمشق والقاهرة سمع منه المزي والذهبي وابن رافع. وكان واسع المعرفة بالحديث والفقه والأصول والنحو وغير ذلك ووصف بالاجتهاد. وولي قضاء الشافعية بدمشق بعد موت جلال الدين القزويني، وتوجه للقاهرة فأدركه الأجل بها وولي خطابة دمشق ومدارس سوى ذلك بدمشق وبالقاهرة تدريس المنصورية وغيرها. ومات في ثالث جمادى الأخرة سنة ست وخمسين وسبعمائة بجزيرة الفيل ظاهر القاهرة، وله اثنان وسبعون سنة، ومولده في غرة صفر سنة ثلاث وثمانين وستمائة. معجم الشيوخ للسبكي [رقم: ٨٥] ذيل التقييد في رواة السنن والأسانيد [رقم: ١٤٣١].
(٣) وهي: وزيرة بنت عمر بن أسعد بن المنجا بن أبي البركات التنوخي أم محمد وتدعى ست الوزراء بنت القاضي شمس الدين الحنفي الدمشقية. سمعت على الحسين بن المبارك الزبيدي صحيح البخاري، بالجامع المظفري ومسند الشافعي. وسمعت من والدها وحدثت بالكثير، سمع منها الواني وابن المحب والقاضي فخر الدين المصري والعلائي وابن قاضي الزبداني وخلق. وحضرها أبو هريرة ابن الذهبي. وعمرت دهراً وروت الكثير وطلبت إلى مصر، وحجت مرتين وتزوجت بأربعة رابعهم نجم الدين عبد الرحمن ابن الشيرازي، وكان لها ثلاث بنات وروت الصحيح مرات بدمشق وبمصر، قال الذهبي: كانت طويلة الروح على سماع الحديث وهي آخر من حدث بالمسند بالسماع عالياً، توفيت فجأة في ثامن عشر شعبان سنة ست عشر وسبعمائة، ولها اثنان وتسعون سنة، مولدها أول سنة أربع وعشرين وستمائة. ذيل التقييد [رقم: ١٨٩١] الدرر الكامنة [رقم: ١٨٠٠].
(٤) وهو: أحمد بن أبي طالب بن أبي النعم نعمة بن الحسن بن علي بن بيان الصالحي الحجار، المعروف بابن الشحنة، شهاب الدين أبو العباس، وأصله من دير مقرن. شيخ يسكن بحارة بني العساس بالصالحية، وهو معروف مشهور، صاحب وظيفة وخدمة بقلعة دمشق، ولم يتفطن طلبة الحديث له إلى أواخر جمادى الآخرة سنة ست وسبعمائة، حصل الاجتماع به فسئل عن نسبه وإخوته وأسمائهم وعن عمره، فوجد سماعه «لجزء أبي الجهم» وما قرئ معه على ابن اللتي، ووجد اسمه في أوراق أسماء السامعين لـ «صحيح البخاري» على ابن الزبيدي، فقرئ عليه «جزء أبي الجهم»، ثم اجتمع الجماعة مستهل شهر رجب وقرئ عليه مرة ثانية. سئل في ذلك الوقت عن مولده، فقال: لي الآن اثنان وثمانون أو ثلاثة وثمانون سنة. سمع على الحسن بن المبارك الزبيدي صحيح البخاري بكماله، وروى بالاجازة شيئاً كثيراً من الكتب والأجزاء، وأجاز له من بغداد ابن بهروز، والأنجب الحمامي، وابن روزبة، وابن القطيعي، وابن كمال، ونصر بن عبد الرزاق، وبنت البيطار، وزهرة بنت ابن حاضر، وجماعة. وكان في أول أمره خياطاً ثم خدم بالقلعة هو وإخوته حجارين، تزوج بأربع من النساء، وولد له أحد عشر ولداً منها ثلاثة من الذكور، طُلب إلى الديار المصرية في سنة أربع عشرة وسبع مائة بسبب إسماع «البخاري»، وتوجه معه الشيخة ست الوزراء بنت ابن منجا، وأرسل إليه ذهب، فتوجه مكرماً وقرئ عليهما «البخاري» خمس مرات، المرة الأولى عند نائب السلطة الأمير سيف الدين أرغون، والثانية عند وكيل السلطان، والثالثة في المدرسة المنصورية، وحضر في هذه المرة جمع كبير يزيدون على ألفي نفسٍ، والمرة الرابعة بجامع الملك الناصر بمصر، والخامسة بقلعة الجبل، وحصل له وللشيخة جملة من المال، ثم عادا إلى دمشق. معجم الشيوخ للسبكي [رقم: ١٥] ذيل التقييد [رقم: ٦٣٣].