للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣١٢٩ - حدَّثنا (١) إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قالَ: قُلْتُ لأَبِي أُسَامَةَ: أَحَدَّثَكُمْ (٢) هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قالَ: لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الجَمَلِ، دَعَانِي فَقُمْتُ إلى جَنْبِهِ، فَقالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّهُ لَا يُقْتَلُ اليَوْمَ إِلَّا ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ، وَإِنِّي لَا أُرَانِي إِلَّا سَأُقْتَلُ اليَوْمَ مَظْلُومًا، وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّي لَدَيْنِي، أَفَترَى يُبْقِي دَيْنُنَا (٣) مِنْ مَالِنَا شَيْئًا؟ فَقالَ: يَا بُنَيَّ بِعْ مَالَنَا فَاقْضِ (٤) دَيْنِي. وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ، وَثُلُثِهِ لِبَنِيهِ، يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ (٥)، يَقُولُ: ثُلُثُ الثُّلُثِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا فَضْلٌ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَيْءٌ (٦) فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ. قالَ هِشَامٌ: وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ وَازَى بَعْضَ بَنِي الزُّبَيْرِ، خُبَيْبٌ وَعَبَّادٌ، وَلَهُ يَوْمَئذٍ تِسْعَةُ بَنِينَ وَتِسْعُ بَنَاتٍ. قالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَجَعَلَ يُوصِينِي بِدَيْنِهِ وَيَقُولُ: يَا بُنَيِّ إِنْ عَجَزْتَ عَنْهُ فِي شَيْءٍ (٧) فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَوْلَايَ. قالَ: فَوَاللَّهِ مَا دَرَيْتُ ما أَرَادَ حَتَّى قُلْتُ: يَا أَبَةِ (٨) مَنْ مَوْلَاكَ؟ قالَ: اللَّهُ. قالَ: فَوَاللَّهِ مَا وَقَعْتُ فِي كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ إِلَّا قُلْتُ: يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ فَيَقْضِيهِ، فَقُتِلَ الزُّبَيْرُ وَلَمْ يَدَعْ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِلَّا أَرَضِينَ، منها الغَابَةُ وَإِحْدَى عَشْرَةَ دَارًا بِالمَدِينَةِ، وَدَارَيْنِ بِالبَصْرَةِ، وَدَارًا بِالكُوفَةِ، وَدَارًا بِمِصْرَ. قالَ: وَإِنَّمَا (٩) كَانَ دَيْنُهُ الَّذِي عَلَيْهِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَأتِيهِ بِالمَالِ فَيَسْتَوْدِعُهُ إِيَّاهُ، فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ: لَا، وَلَكِنَّهُ سَلَفٌ، فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ. وَمَا وَلِيَ إِمَارَةً قَطُّ، وَلَا جِبَايَةَ خَرَاجٍ، وَلَا شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي غَزْوَةٍ مَعَ النَّبِيِّ ، أَوْ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ . قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: فَحَسَبْتُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ

فَوَجَدْتُهُ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِئَتَيْ أَلْفٍ. قالَ: فَلَقِيَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ

⦗١٤٢⦘

عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقالَ: يَا ابْنَ أَخِي، كَمْ على أَخِي مِنَ الدَّيْنِ؟ فَكَتَمَهُ، فَقالَ (١٠): مِئَةُ أَلْفٍ. فقالَ حَكِيمٌ: وَاللَّهِ ما أُرَى أَمْوَالَكُمْ تَسَعُ لِهَذِهِ. فقالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: أَفَرَأَيْتَكَ إِنْ كَانَتْ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِئتَيْ أَلْفٍ؟ قالَ: ما أُرَاكُمْ تُطِيقُونَ هَذَا، فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَيْءٍ منه فَاسْتَعِينُوا بِي. قالَ: وَكَانَ الزُّبَيْرُ اشْتَرَى الغَابَةَ بِسَبْعِينَ وَمِئةِ أَلْفٍ، فَبَاعَهَا عَبْدُ اللَّهِ بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّ مِئةِ أَلْفٍ، ثُمَّ قَامَ فَقالَ: مَنْ كَانَ لَهُ على الزُّبَيْرِ حَقٌّ فَلْيُوَافِنَا بِالغَابَةِ، فَأَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَكَانَ لَهُ على الزُّبَيْرِ أَرْبَعُ مِئةِ أَلْفٍ، فقالَ لِعَبْدِ اللَّهِ: إِنْ شِئتُمْ تَرَكْتُهَا لَكُمْ. قالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا. قالَ: فَإِنْ شِئتُمْ جَعَلْتُمُوهَا فِيمَا تُؤَخِّرُونَ إِنْ أَخَّرْتُمْ. فَقالَ (١١) عَبْدُ اللَّهِ: لَا. قالَ: قالَ (١٢): فَاقْطَعُوا لِي قِطْعَةً. فقالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَكَ مِنْ هَا هُنَا إلى هَا هُنَا. قالَ: فَبَاعَ منها فَقَضَى دَيْنَهُ فَأَوْفَاهُ، وَبَقِيَ منها أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ، فَقَدِمَ على مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَالمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ زَمعَةَ، فقالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: كَمْ قُوِّمَتِ الغَابَةُ (١٣)؟ قالَ: كُلُّ سَهْمٍ مِئةَ (١٤) أَلْفٍ. قالَ: كَمْ بَقِيَ؟ قالَ: أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ. قالَ (١٥) المُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِئةِ أَلْفٍ. قالَ (١٦) عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِئةِ أَلْفٍ. وَقالَ ابْنُ زَمعَةَ (١٧): قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِئةِ أَلْفٍ. فقالَ مُعَاوِيَةُ: كَمْ بَقِيَ؟ فَقالَ: سَهْمٌ وَنِصْفٌ. قالَ: أَخَذْتُهُ (١٨) بِخَمْسِينَ وَمِئةِ أَلْفٍ. قالَ: وَبَاعَ (١٩) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ بِسِتِّ مِئةِ أَلْفٍ، فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ، قالَ بَنُو الزُّبَيْرِ: اقْسِمْ بَيْنَنَا مِيرَاثَنَا. قالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ حَتَّى أُنَادِيَ بِالمَوْسِمِ أَرْبَعَ سِنِينَ: أَلَا مَنْ كَانَ لَهُ على الزُّبَيْرِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا فَلْنَقْضِهِ. قالَ: فَجَعَلَ كَلَّ سَنَةٍ يُنَادِي بِالمَوْسِمِ، فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعُ سِنِينَ قَسَمَ بَيْنَهُمْ. قالَ: فَكَانَ (٢٠) لِلزُّبَيْرِ أَرْبَعُ

⦗١٤٣⦘

نِسْوَةٍ، وَرَفَعَ الثُّلُثَ، فَأَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِئَتَا (٢١) أَلْفٍ، فَجَمِيعُ مَالِهِ خَمْسُونَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَمِئتَا أَلْفٍ.


(١) في رواية أبي ذر: «حدَّثني».
(٢) في رواية ابن عساكر: «حدَّثكم».
(٣) في رواية أبي ذر: «أفترى دينَنا يبقي».
(٤) في رواية أبي ذر: «واقْضِ».
(٥) في رواية أبي ذر: «يعني بني عبدِ الله بنِ الزبير».
(٦) لفظة: «شيءٌ» ليست في رواية ابن عساكر.
(٧) في رواية أبي ذر وابن عساكر: «إنْ عجزتَ عن شيءٍ مِنه». كتبت بالحمرة.
(٨) رسمت في (و، ق) بالتاء المبسوطة، وهو موافق لنسخة البقاعي.
(٩) في رواية أبي ذر والحَمُّويي والمُستملي: «وقال: إنَّما».
(١٠) في رواية أبي ذر: «وقال».
(١١) في رواية أبي ذر: «قال».
(١٢) صحَّح عليها في اليونينيَّة.
(١٣) في رواية أبي ذر: «كم قَوَّمْتَ الغابةَ».
(١٤) صحَّح عليها في اليونينيَّة.
(١٥) في رواية أبي ذر: «فقال».
(١٦) في رواية أبي ذر: «فقال».
(١٧) ضبطت: «زمعة» في (ن) في الموضع الأول بفتح الميم ووفي الثاني بسكونها، وفي (و) بفتحها في الموضعين، وفي (ب، ص، ق) بسكونها.
(١٨) في رواية أبي ذر: «قد أخذته».
(١٩) في رواية أبي ذر: «فباع».
(٢٠) في رواية أبي ذر: «فباع».
(٢١) في رواية ابن عساكر: «كُلَّ امْرَأَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ ومئتي».