للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وأعطى] [ (١) ] اللَّه محمدا صلى اللَّه عليه وسلّم ما لم يعط غيره، فمن ذلك القرآن لم يبدل [ولم يحرف] [ (٢) ] ، ولا نسخت شريعته بل ثبتت محفوظة، واستقرت بكل عين ملحوظة، يستشهد بها على كل طائفة، وخصّ صلى اللَّه عليه وسلّم بعلم الأولين والآخرين، وبالتؤدة والرّفق والرحمة وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [ (٣) ] ، وما غلظ على من غلظ إلا بالأمر الإلهي حين قيل له جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ [ (٤) ] ، فصحت له السيادة على العالم بما تقرر، فإنه لم يحصل لغيره.

قال تعالى: يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ [ (٥) ] ، وقال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [ (٦) ] ، فلذلك ثبت القرآن ولم يحرف، وكذا علمه الإحاطي لم يكن لغيره ممن تقدمه. ومما خص به: السيف الّذي بعث به، وقتال الملائكة معه، فإن ذلك لم يكن لغيره، وهو من رتبة الكمال، وبعث من قوم ليس لهم همّ إلا في قرى الضيفان ونحر الجزور، والقتال الدائم الّذي لم يكن في غيرهم من الناس، وبهذا ولهذا كانوا يتمدحون كما هو معروف في أشعارهم، ولا خفاء عند كل أحد بفضل العرب على العجم بالكرم والشجاعة، وإن كان في العجم كرماء وشجعان كما في العرب بخلاء وجبناء لكن آحاد، والكلام يقع في الغالب لا في النادر، فهذا أمر لا ينكره أحد.

ومما اختص به صلى اللَّه عليه وسلّم أنه حببت إليه النساء [ (٧) ] ، فإن حبهن بكون اللَّه تعالى حببهن إليه، فكان يحبهن. ومن سنته النكاح لا التبتل، وجعل النكاح عبادة، وحبب إليه أيضا الطيب [ (٧) ] .


[ (١) ] في (خ) «وأعطا» .
[ (٢) ] في (خ) «ولا حرف» .
[ (٣) ] الأحزاب: ٤٣.
[ (٤) ] التوبة: ٧٣، التحريم: ٩.
[ (٥) ] البقرة: ٧٥.
[ (٦) ] الحجر: ٩.
[ (٧) ]
أخرجه النّسائيّ في كتاب عشرة النساء، باب (١) ، حب النساء، حديث رقم (٣٩٤٩) : حدثنا الشيخ الإمام أبو عبد الرحمن النّسائيّ قال: أخبرنا الحسين بن عيسى القومسيّ قال: حدثنا عفان بن مسلم قال: حدثنا سلّام أبو المنذر عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: «حبّب إليّ من الدنيا النساء والطّيب، وجعل قرة عيني في الصلاة» .
وحديث رقم (٣٩٥٠) : أخبرنا عليّ بن مسلم الطوسيّ قال: حدثنا سيّار قال: حدثنا جعفر قال: حدثنا ثابت عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: «حبّب إليّ النّساء والطيب، وجعلت قرّة عيني في الصلاة» .
قال الحافظ السيوطي: قال بعضهم: في هذا قولان: أحدهما: أنه زيادة في الابتلاء والتكليف،