للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] محمود. وقيل: منصوب على الحال، أي ذا مقام محمود. وقيل: هو مصدر لفعل محذوف، التقدير فتقوم مقاما، ولا يجوز أن تكون عسى هنا ناقصة، وتقدم الخبر على الاسم فيكون ربك مرفوعا اسم عسى وأَنْ يَبْعَثَكَ الخبر في موضع نصب بها، إلا في هذا الإعراب الأخير.
وفي تفسير المقام المحمود أقوال:
أحدها: أنه في أمر الشفاعة التي يتدافعها الأنبياء حتى تنتهي إليه صلى اللَّه عليه وسلّم، والحديث في الصحيح، وهي عدة من اللَّه تعالى له صلى اللَّه عليه وسلّم، وفي هذه الشفاعة يحمده أهل الجمع كلهم، في دعائه المشهور:
«وابعثه المقام المحمود الّذي وعدته» واتفقوا على أن المراد منه الشفاعة.
الثاني: أنه في أمر شفاعته لأمّته في إخراجه لمذنبهم من النار، وهذه الشفاعة لا تكون إلا بعد الحساب ودخول الجنة ودخول النار، وهذه لا يتدافعها الأنبياء بل يشفعون ويشفع العلماء.
وقد روي حديث الشفاعة وفي آخره: «حتى لا يبقى في النار إلا من حبسه القرآن» ،
أي وجب عليه الخلود.
قال: ثم تلا هذه الآية عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً.
وعن أبي هريرة أنه عليه السلام قال: «المقام المحمود هو المقام الّذي أشفع فيه لأمتي»
فظاهر هذا الكلام تخصيص شفاعته لأمته، وقد تأوله من حمل ذلك على الشفاعة العظمى، التي يحمده بسببها الخلق كلهم، على أن المراد لأمته وغيرهم، أو يقال: إن كل مقام منها محمود.
الثالث: عن حذيفة: يجمع اللَّه الناس في صعيد فلا تتكلم نفس، فأول مدعوّ محمد صلى اللَّه عليه وسلّم، فيقول:
لبيك وسعديك والشر ليس إليك، والمهدي من هديت، وعبدك بين يديك، وبك وإليك، لا منجأ ولا ملجأ إلا إليك، تباركت وتعاليت، سبحانك رب البيت. قال: فهذا قوله تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً.
الرابع: قال الزمخشريّ: معنى المقام المحمود المقام الّذي يحمده القائم فيه، وكل من رآه وعرفه وهو مطلق في كل ما يجلب الحمد من أنواع الكرامات (أ. هـ) ، وهو قول حسن ولذلك نكّر مَقاماً مَحْمُوداً، فلم يتناول مقاما مخصوصا، بل كل مقام محمود صدق عليه إطلاق اللفظ.
الخامس: ما قالت فرقة- منها مجاهد- وقد روي أيضا عن ابن عباس أن المقام المحمود هو أن يجلسه اللَّه تعالى معه على العرش. وذكر الطبري في ذلك حديثا، وذكر النقاش عن أبي داود السجستاني أنه قال: من أنكر هذا الحديث فهو عندنا متهم، ما زال أهل العلم يتحدثون بهذا. قال ابن عطية:
يعني من أنكر جوازه على تأويله. وقال أبو عمر ومجاهد: إن كان أحد الأئمة يتأول القرآن فإن له قولين مهجورين عند أهل العلم هذا أحدهما، والثاني تأويل إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ [٢٢: القيامة] ، قال تنتظر الثواب ليس من النظر، وقد يؤوّل قوله معه على رفع محله وتشريفه على خلقه كقوله: إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ [٢٠٦: الأعراف] ، وقوله: ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً [١١: التحريم] ، وإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [٦٩: العنكبوت] ، كل ذلك كناية عن المكانة لا عن المكان.
وقال الواحدي: هذا القول مروي عن ابن عباس وهو قول رذل، موحش، فظيع، لا يصح مثله عن ابن عباس، ونصّ الكتاب ينادي بفساده من وجوه: ...