للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ [ (١) ] .

ولم يخاطب سبحانه غيره من الرسل إلا باسمه، فقال تعالى: يا آدَمُ [ (٢) ] ، يا نُوحُ [ (٣) ] ، يا إِبْراهِيمُ [ (٤) ] ، يا مُوسى [ (٥) ] ، يا يَحْيى [ (٦) ] ، يا داوُدُ [ (٧) ] ، يا عِيسى [ (٨) ] ، وكل ذي عقل سليم يرى أن الخطاب للرجل بكنية أجل وأعظم من دعائه وخطابه به [من] [ (٩) ] ندائه باسمه.

ولما رماه صلّى اللَّه عليه وسلم المشركون بما رموا به من قبله من رسل اللَّه تعالى منذ عهد نوح فقالوا: مجنون، وساحر، وشاعر، ونحو ذلك من افترائهم الّذي نزه اللَّه عنه رسله عليهم السلام، احتمل صلّى اللَّه عليه وسلم أذاهم، وصبر على تكذيبهم له، ثقة منه بأن اللَّه تعالى تولى نصرته، وأنه وليه وظهيره، ولم يسلك مسلك من تقدمه من الرسل، في انتصارهم لأنفسهم، كقول نوح لما قال له قومه: إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [ (١٠) ] ، فقال مجيبا عن نفسه: يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ [ (١١) ] ، وكقول هود لما قال له قومه: إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ [ (١٢) ] فقال دفعا عن نفسه: يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ [ (١٣) ] ، [و] [ (١٤) ] كما قال [فرعون] [ (١٥) ] لموسى: إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً [ (١٦) ] ، فنصر نفسه بنفسه فقال: إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً [ (١٧) ] ، ولما قال المشركون لمحمد صلّى اللَّه عليه وسلم: أَإِنَّا لَتارِكُوا [ (١٨) ] آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ [ (١٩) ] ، وقالوا: يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ [ (٢٠) ] ، سكت صلّى اللَّه عليه وسلم صابرا محتسبا.

فتولى اللَّه تعالى نصرته بوحي يتلى على مر الأيام إذا يقول: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ


[ (١) ] المزمل: ١.
[ (٢) ] البقرة: ٣٣، ٣٥، الأعراف: ١٩، طه: ١١٧.
[ (٣) ] هود: ٤٦، ٤٨.
[ (٤) ] هود: ٧٦، الصافات: ١٠٤.
[ (٥) ] طه: ١١، ١٧، ١٩، ٣٦، ٤٠، ٨٣، النمل: ٩، ١٠، القصص: ٣٠، ٣١.
[ (٦) ] مريم: ١٢.
[ (٧) ] ص: ٢٦.
[ (٨) ] آل عمران: ٥٥، المائدة: ١١٠، ١١٦.
[ (٩) ] زيادة للسياق.
[ (١٠) ] الأعراف: ٦٠.
[ (١١) ] الأعراف: ٦١.
[ (١٢) ] الأعراف: ٦٦.
[ (١٣) ] الأعراف: ٦٧.
[ (١٤) ] زيادة للسياق.
[ (١٥) ] زيادة للسياق.
[ (١٦) ] الإسراء: ١٠١.
[ (١٧) ] الإسراء: ١٠٢.
[ (١٨) ] في (خ) : «لتاركوا» .
[ (١٩) ] الصافات: ٣٦.
[ (٢٠) ] الحجر: ٦.