للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مروان بن محمد الأسدي، عن غزال بن خالد بن يزيد بن عثمان بن عطاء، عن أبيه عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما عزّي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على رقية امرأة عثمان قال:

الحمد للَّه دفن البنات من المكرمات [ (١) ]

ولا خلاف بين أهل السير أن عثمان إنما تخلف عن بدر على امرأته رقية بأمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، وضرب له سهمه وأجره. وذكر عمر بن شيبة أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بعث زيد بن حارثة إلى زينب بنته ليقدم بها عليه المدينة، فخرج بها حتى إذا كانت بسنح أدركها هبار بن الأسود في نفر من قريش، فنخس بها حتى صرعت، فانفكت رجلها، فبلغ عدي بن الربيع- حموها- أخا زوجها أبي العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس، فعرض له فرماه بسهم، فخرج السهم في سوأته وأثواه. وقال:

عجبت لهبار وأوباش قومه ... يريدون إخفاري ببنت محمد

ولست أبالي ما بقيت صحيحها ... إذا استجمعت يوما [ (٢) ] يدي بالمهند

إذا أنا لم أمنع ظلامة كنتي ... فلا عشت إلا كالخليع المطرّد

ألم تر هبارا غداة تبايعت ... به النفس في رأي من الرأي مفنّد

مصارعي عن زينب حين رامهت ... على ذي سبب مدمج الحلق أجرد

نصبت له مني بقطع مقدم ... على أصفر جبان أسمر محضد

فسالت ثمود في دم ... على الخد أحيانا وصفح المقلد

قال: ولما نخس هبار بزينب جاء سفيان بن حرب، فأسند ظهره إلى الكعبة ثم قال: أبنت محمد؟.


[ () ] وفي هذا الحديث جواز البكاء كما ترجم له، وإدخال الرجال المرأة قبرها لكونهم أقوى على ذلك من النساء. وحكى عن ابن حبيب أن السرّ في إيثار أبي طلحة على عثمان، أن عثمان قد جامع بعض جواريه في تلك الليلة، فتلطف صلّى اللَّه عليه وسلّم في منعه من النزول في قبر زوجته بغير تصريح.
وفيه جواز الجلوس على شفير القبر عند الدفن، واستدل به على جواز البكاء بعد الموت، وفيه فضيلة لعثمان لإيثاره الصدق وإن كان عليه فيه غضاضة.
وأخرجه البخاري أيضا في كتاب الجنائز، باب (٧١) من يدخل قبر المرأة، حديث رقم (١٣٤٢) .
[ (١) ] (الاستيعاب) : ٤/ ١٨٤٣، عن عكرمة عن ابن عباس في ترجمة رقية بنت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم رقم (٣٣٤٣) .
[ (٢) ] في ابن هشام:
ولست أبالي ما حييت عديدهم ... وما استجمعت قبضا يدي بالمهنّد
وفيه: «كنانة بن الربيع» (سيرة ابن هشام) : ٣/ ٢٠٧- ٢٠٨ باب شعر هند وكنانة في هجرة زينب.