للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكاه اللخمي في (التبصرة) عن أصبغ لا عن أشهب، وهذا القول في الأول، أعنى أنهم الذين تحرم عليهم الصدقة، هو منصوص عن الشافعيّ وأحمد، والأكثرين، وهو اختيار جمهور أصحابهما، والدليل عليه ما

خرجه البخاري من حديث إبراهيم ابن طهمان، عن محمد بن زياد، عن أبى هريرة رضي اللَّه عنه قال: كان النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يؤتى بالتمر عند صرام النخل، فيجيء هذا بتمره وهذا من تمره، حتى يصير عنده كوما من تمر فجعل الحسن والحسين يلعبان بذلك التمر، فأخذ أحدهما تمرة فجعلها في فيه، فنظر إليه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فأخرجها من فيه وقال: أما علمت أن آل محمد لا يأكلون الصدقة؟

ترجم عليه باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل، وهل يترك الصبى فيمسّ تمر الصدقة [ (١) ] ؟

وخرجه مسلم من حديث وكيع عن شعبة، عن محمد- وهو ابن زياد- سمع أبا هريرة يقول: أخذ الحسن بن على رضي اللَّه عنه تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: كخ كخ! ارم بها، أما علمت أنّا لا تحل لنا الصدقة؟ [ (٢) ] ؟

وخرج مسلم من حديث إبراهيم بن علية قال: حدثنا أبو حبّان قال: حدثني يزيد بن حبّان قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة، وعمر بن مسلم إلى زيد


[ (١) ] (فتح الباري) : ٣/ ٤٤٧، كتاب الزكاة، باب (٥٧) ، حديث رقم (١٤٨٥) . والصرام- بكسر المهملة: الجداد والقطاف وزنا ومعنى.
[ (٢) ] (مسلم بشرح النووي) ، ٧/ ١٨١، كتاب الزكاة، باب (٥٠) تحريم الزكاة على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وعلى آله، هم بنو هاشم وبنو المطلب دون غيرهم، حديث رقم (١٦١) واللذان بعده. قال القاضي
في قوله صلّى اللَّه عليه وسلّم: «كخ كخ ارم بها أما علمت أنا لا نأكل الصدقة» وفي رواية: «لا تحل لنا الصدقة» :
يقال: كخ كخ بفتح الكاف وكسرها، وتسكين الخاء، ويجوز كسرها مع التنوين، وهي كلمة يزجر بها الصبيان عن المستقذرات، فيقال له: كخ، أي اتركه وارم به. قال الداوديّ: هي عجمية معربة بمعنى بئس، وقد أشار إلى هذا البخاري بقوله في ترجمة باب من تكلم بالفارسية والرطانة. وفي الحديث أن الصبيان يوقون ما يوقاه الكبار، وتمنع من تعاطيه، وهذا واجب على الولي. (مسلم بشرح النووي) :
٧/ ١٨١.
قوله صلّى اللَّه عليه وسلّم: «أما علمت أنا لا نأكل الصدقة»
هذه اللفظة تقال في الشيء الواضح التحريم ونحوه، وإن لم يكن المخاطب عالما به، وتقديره: عجب! كيف خفي عليك هذا مع ظهور تحريم الزكاة على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وعلى آله، وهم بنو هاشم وبنو المطلب؟.