للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الصلاة فلم يشرعها إلا عليه وعلى آله فقط، فدل على أن آله هم أهله وأقاربه، وهذا بين يؤيده أن اللَّه تعالى أمر عباده المؤمنين بالصلاة على نبيه صلّى اللَّه عليه وسلّم بعد ذكر حقوقه، وما خصه تعالى به دون أمته: من حل نكاحه لمن تهب نفسها له، ومن تحريم نكاح أزواجه على الأمة بعده، ومن سائر ما ذكر من حقوقه وتعظيمه وتوقيره وتبجيله، ثم قال: وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً [ (١) ] ، ثم ذكر رفع الجناح عن أزواجه في تكليمهم إياهن وأبناؤهن، ومن ذكر دخولهن عليهنّ، ثم عقب ذلك بما حق من حقوقه الأكيدة على الأمة وهو أمرهم بصلاتهم عليه وسلامهم، مستفتحا ذلك الأمر بإخباره تعالى [بأنه] وملائكته يصلون عليه،

فسأل الصحابة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: بأي [صيغة] يؤدون هذا الحق؟ فقال: قولوا: اللَّهمّ [صل] على محمد وعلى آل محمد [ (٢) ] ،

فالصلاة على آله هي من تمام الصلاة عليه وتوابعها،


[ () ] قال أبو نعيم: هذا حديث صحيح متفق عليه من حديث الأعمش، عن أبى وائل. رواه عنه إلياس، وحديث فضيل لا نعلمه رواه عنه الإسماعيلي، وكان فضيل يتورع أن يقول: الأعمش، فكان إذا حدّث عنه قال: سليمان بن مهران، وإنما أصحابه وصفوه بالأعمش ليكون أشهر. (حلية الأولياء) :
٨/ ١١٥، ترجمة الفضيل بن عياض رقم (٣٩٧) .
[ (١) ] الأحزاب: ٥٣.
[ (٢) ]
(عون المعبود) : ٣/ ١٨٥، كتاب الصلاة، باب (١٨١) ، الصلاة على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بعد التشهد، حديث رقم (٩٧٢) : حدثنا حفص بن عمر، أخبرنا شعبة عن الحكم، عن ابن أبى ليلى، عن كعب ابن عجرة قال: قلنا أو قالوا: يا رسول اللَّه أمرتنا أن نصلي عليك وأن نسلم عليك، فأما السلام فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك؟ قال قولوا: اللَّهمّ صلّ على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد.
وحديث رقم (٩٧٣) : حدثنا مسدد، أخبرنا يزيد بن زريع، أخبرنا شعبة بهذا الحديث قال: صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم.
وحديث رقم (٩٧٤) : حدثنا محمد بن العلاء، أخبرنا ابن بشر عن مسعر، عن الحكم بإسناده هذا قال: اللَّهمّ صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، اللَّهمّ بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
قال العلامة أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي: الصلاة الدعاء، والرحمة، والاستغفار، وحسن الثناء من اللَّه تعالى على رسوله صلّى اللَّه عليه وسلّم، وهو من العباد طلب إفاضة الرحمة الشاملة لخير الدنيا والآخرة من اللَّه تعالى على رسوله صلّى اللَّه عليه وسلّم. وقد أمر اللَّه تعالى المؤمنين به. وقد أجمعوا على أنه للوجوب، فهي واجبة في الجملة، فقيل: يجب كلما جرى ذكره، وقيل: الواجب الّذي يسقط المأثم هو الإتيان