للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ (١) ] ، فمن آمن معطوف على المفعول بالحمل وهم أهل، والاثنان من كل زوجين، واحتجوا بحديث واثلة المتقدم، وتخصيص واثلة بذلك أقرب من تعميم الأمة به، وكأنه صلّى اللَّه عليه وسلّم جعل واثلة في حكم الأهل تشبيها بمن يستحق هذا الاسم.

والصواب: أن الأتقياء من أمته صلّى اللَّه عليه وسلّم هم أولياؤه، فمن كان منهم من أقاربه فهو من أوليائه لا من آله، فقد يكون الرجل من آله وأوليائه كأهل بيته والمؤمنين به من أقاربه ولا يكون لا من آله ولا من أوليائه كمن لم يؤمن به، وقد يكون من أوليائه وإن لم يكن من آله، كخلفائه في أمته، الداعين إلى سنته، الذابين عنه، الناصرين لدينه، وإن لم يكن من أقاربه.

وقد ثبت أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: إن آل- أبى فلان- ليسوا لي بأولياء، إنّ أوليائي المتقون كانوا ومن كانوا [ (٢) ] ،

فالمتقون هم أولياء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، وأولياؤه


[ (١) ] هود: ٤٠.
[ (٢) ]
أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب (١٤) تبلّ الرحم ببلالها، حديث رقم (٥٩٩٠) ولفظه:
حدثني عمرو بن عباس، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن إسماعيل بن أبى خالد، عن قيس ابن أبى حازم، أن عمرو بن العاص قال: سمعت النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم جهارا غير سرّ- يقول: إن آل أبى- قال عمرو في كتاب محمد بن جعفر: بياض- ليسوا بأوليائى، إنما ولىّ اللَّه وصالح المؤمنين. زاد عنبسة ابن عبد الواحد عن بيان، عن قيس، عن عمرو بن العاص قال: سمعت النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: ولكن لهم رحم أبلّها ببلالها، يعنى أصلها بصلتها.
قوله: «سمعت النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم جهارا» ، يحتمل أن يتعلّق بالمفعول، أي كان المسموع في حالة الجهر، ويحتمل أن يتعلق بالفاعل، أي أقول ذلك جهارا. وقوله: غير سرّ تأكيد لذلك لدفع توهم أنه جهر به مرة، وأخفاه أخرى، والمراد أنه لم يقل ذلك خفية، بل جهر به وأشاعه.
قوله: «إن آل أبى» ،
وكذا للأكثر، يحذف ما يضاف إلى أداة الكنية، وأثبته المستملي في روايته لكن كنى عنه
فقال: «آل أبى فلان» ،
وكذا هو في روايتي مسلم والإسماعيلي، وذكر القرطبي أنه وقع في أصل مسلم موضع «فلان» بياض، ثم كتب بعض الناس فيه «فلان» على سبيل الإصلاح، وفلان كناية عن اسم علم، ولهذا وقع لبعض رواته
«إن آل أبى يعنى فلان» ،
ولبعضهم
«إن آل أبى فلان»
بالجزم.
قوله: «بياض» : قال عبد الحق في كتاب (الجمع بين الصحيحين) : إن الصواب في ضبط هذه الكلمة بالرفع، أي وقع في كتاب محمد بن جعفر موضع أبيض يعنى بغير كتابة، وفهم منه بعضهم أنه الاسم المكنى عنه في الرواية، فقرأه بالجر على أنه في كتاب محمد بن جعفر إن آل أبى، بياض.
وهو فهم سيئ ممن فهمه، لأنه لا يعرف في العرب قبيلة يقال لها آل أبى بياض، فضلا عن قريش.