للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] وسياق الحديث مشعر بأنهم من قبيلة النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وهي قريش، بل فيه إشعار بأنهم أخصّ من ذلك، لقوله: «إن لهم رحما» ، وأبعد من حمله على بنى بياضه، وهم بطن من الأنصار، لما فيه من التغير أو الرحم على رأى، ولا يناسب السياق أيضا، وقال ابن التين: حذفت التسمية لئلا يتؤذى بذلك المسلمون من أبنائهم.
وقال النووي: هذه الكناية من بعض الرواة، خشي أن يصرح بالاسم، فيترتب عليه مفسدة، إما في حق نفسه، وإما في حق غيره، وإما معا. وقال القاضي عياض: إن المكنى عنه هنا هو الحكم بن أبى العاص. وقال ابن دقيق العيد: كذا وقع مبهما في السياق، وحمله بعضهم على بنى أمية، ولا يستقيم مع قوله: آل أبى، فلو كان بنى لأمكن، ولا يصح تقدير آل أبى العاص، لأنهم أخصّ من بنى أمية، والعام لا يفسّر بالخاص. قلت: لعل مراد القائل أنه أطلق العام وأراد الخاصّ، وقد وقع في رواية وهب بن حفص التي أشرت إليها «إن آل بنى» لكن وهب لا يعتمد عليه. وجزم الدمياطيّ في حواشيه بأنها آل أبى العاص ابن أمية، ثم قال ابن دقيق العيد: إنه رأى في كلام ابن العربيّ في هذا شيئا يراجع منه.
قلت: قال أبو بكر بن العربيّ في (سراج المريدين) : كان في أصل حديث عمرو بن العاص «إن آل أبى طالب» ، فغير «آل أبى فلان» ، كذا جزم به، وتعقبه بعض الناس وبالغ في التشنيع، ونسبه إلى التحامل على آل أبى طالب.
قوله: «ليسوا بأوليائى» كذا للأكثر- وفي نسخة من رواية أبى ذرّ «بأولياء» فنقل ابن التبين عن الداوديّ أن المراد بهذا النفي من لم يسلم منهم، فهو من إطلاق الكل وإرادة البعض، والمنفي على هذا المجموع لا الجميع.
وقال الخطابي: الولاية المنفية ولاية القرب والاختصاص لا ولاية الدين، ورجح ابن التين الأول، وهو الراجح، فإن من جملة آل أبى طالب: عليا، وجعفرا، أو هما أخصّ الناس بالنبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم لما لهما من السابقة والقدم في الإسلام، ونصر الدين. وقد استشكل بعض الناس صحة هذا الحديث- لما نسب إلى بعض راويه من النصب، وهو الانحراف عن عليّ رضي اللَّه عنه وآل بيته.
قلت: أما قيس بن أبى حازم، فقال يعقوب بن شيبة: تكلم أصحابنا في قيس، فمنهم من رفع قدره وعظمه، وجعل الحديث عنه من أصحّ الأسانيد، حتى قال ابن معين: هو أوثق من الزهري.
ومنهم من حمل عليه وقال: له أحاديث مناكير، وأجاب من أطراه بأنها غرائب، وإفراده لا يقدح فيه.
ومنهم من حمل عليه في مذهبه وقال: كان يحمل على عليّ، ولذلك تجنب الرواية عنه كثير من قدماء الكوفيين. وأجاب من اطراه بأنه كان يقدم عثمان على عليّ.
قلت: والمعتمد عليه أنه ثقة، ثبت، مقبول الرواية، وهو من كبار التابعين، سمع من أبى بكر الصديق فمن دونه، وقد روى عنه حديث الباب إسماعيل بن أبى خالد، وبيان بن بشر، وهما كوفيان، ولم ينسبا إلى النصب.
لكن الراويّ عن بيان، وهو عنبسة بن عبد الواحد، أموى قد نسب إلى شيء من النصب، وأما عمرو بن العاص وإن كان بينه وبين على ما كان فحاشاه أن يتهم، وللحديث محل صحيح لا يستلزم نقصا في مؤمني أبى طالب، وهو أن المراد بالنفي المجموع كما تقدم، ويحتمل أن يكون المراد بآل