وإسناده صحيح، ورجاله رجال الصحيح. وله طرق أخرى عند الطبراني: ٤٩٦٩- ٤٩٧١ و ٤٩٨٠ و ٤٩٨٠- ٤٩٨٢ و ٥٠٤٠، وبعضها عند الحاكم في (المستدرك) : ٣/ ١٠٩، ١٤٨، ٥٣٣، وصحيح هو والذهبي بعضها. وشاهد آخر من حديث عطية العوفيّ، عن أبى سعيد الخدريّ مرفوعا: إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي، الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب اللَّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض. ثم قال الألباني: واعلم أيها القارئ الكريم، أن من المعروف أن الحديث مما يحتج به الشيعة، ويلهجون بذلك كثيرا، حتى يتوهم بعض أهل السنة أنهم مصيبون في ذلك، وهم جميعا واهمون في ذلك، وبيانه ومن وجهين: الأول: أن المراد من الحديث في قوله صلّى اللَّه عليه وسلم: «عترتي» أكثر مما يريده الشيعة، ولا يرده أهل السنة، بل هم مستمسكون به، ألا وأن العترة فيه هم أهل بيته صلّى اللَّه عليه وسلم، وقد جاء ذلك موضحا في بعض طرقه، كحديث الترجمة: «وعترتي أهل بيتي» ، وأهل بيته في الأصل هم نساؤه صلّى اللَّه عليه وسلم، وفيهم الصديقة عائشة، رضى اللَّه عنهن جميعا، كما هو صريح في قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً بدليل الآية التي قبلها والتي بعدها: يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً* وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً* وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً. وتخصيص الشيعة أهل البيت في الآية بعليّ وفاطمة والحسن والحسين رضى اللَّه تعالى عنهم دون نسائه صلّى اللَّه عليه وسلم، من تحريفهم لآيات اللَّه تعالى، انتصاراً لأهوائهم، كما هو مشروح في موضعه، وحديث الكساء وما في معناه، غاية ما فيه توسيع دلالة الآية، ودخول على وأهله فيها. والوجه الآخر: أن المقصود من أهل البيت إنما هم العلماء الصالحون منهم، والمتمسكون بالكتاب والسنة، قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه اللَّه تعالى: «العترة» هم أهل بيته صلّى اللَّه عليه وسلم الذين هم على دينه وعلى التمسك بأمره. وذكر نحوه الشيخ على القاري في الموضع المشار إليه آنفا ثم استظهر أن الوجه في تخصيص أهل البيت بالذكر ما أفاده بقوله: إن أهل البيت غالبا يكونون أعرف بصاحب البيت وأحواله، فالمراد بهم أهل العلم منهم المطلعون على سيرته، الواقفون على طريقته، العارفون بحكمه وحكمته، وبهذا يصلح أن يكون مقابلا لكتاب اللَّه سبحانه كما قال: وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ