قال: ومن هاهنا كره جماعة من السلف والخلف، لما روى أبو داود، والحاكم في (المستدرك) ، أنه قال: «من تشبه بقوم فهو منهم» ، وفي الترمذي: «ليس منا من تشبه بغيرنا» . وأما ما جاء في حديث الهجرة أنه صلّى اللَّه عليه وسلم جاء إلى أبى بكر رضى اللَّه عنه متقنّعا بالهاجرة، فإنما فعله صلّى اللَّه عليه وسلم تلك السّاعة ليختفى بذلك للحاجة، ولم يكن عادته صلّى اللَّه عليه وسلم التقنع. وقد ذكر أنس عنه صلّى اللَّه عليه وسلم أنه كان يكثر القناع. وهذا إنما كان يفعله للحاجة من الحرّ ونحوه. وقال شيخ الإسلام الولي ابن العراقي في (شرح تقريب الأسانيد) : التقنّع معروف، وهو تغطية الرأس بطرف العمامة أو بردائه أو نحو ذلك. وقال ابن الحاج في (المدخل) : وأما قناع الرجل فهو أن يغطى رأسه بردائه، ويرد طرفه على أحد كتفيه. وأما قول ابن القيم: إنه صلّى اللَّه عليه وسلم إنما فعل ذلك للحاجة، فيرد عليه حديث سهل بن سعد، أنه صلّى اللَّه عليه وسلم كان يكثر القناع، رواه البيهقي في (الشّعب) ، والترمذي. وللبيهقي في (الشعب) أيضا، وابن سعد في (الطبقات) ، من حديث أنس بلفظ: يكثر التقنع، فهذا وما أشبهه يرد قول ابن القيم: أنه لم ينقل عنه أنه صلّى اللَّه عليه وسلم لبسه.