للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن حديث الحسن بن صالح عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضى


[ () ] بكسر المهملة وتخفيف الموحدة، جمع سبلة، وهي ما طال ن شعر اللحية، فأشار جابر إلى أنهم يقصرون منها في النسك. ثم حكى الطبري اختلافا فيما يؤخذ من اللحية، هل له حد أم لا؟
فأسند عن جماعة الاقتصار على أخذ الّذي يزيد منها على قدر الكف، وعن الحسن البصري أنه يؤخذ من طولها وعرضها ما لم يفحش، وعن عطاء نحوه، قال: وحمل هؤلاء النهى على منع ما كانت الأعاجم تفعله من قصّها وتخفيفها.
قال: وكره آخرون التعرض لها إلا في حج أو عمرة، وأسنده عن جماعة، واختار قول عطاء، وقال:
إن الرجل لو ترك لحيته لا يتعرض لها حتى أفحش طولها وعرضها لعرّض نفسه لمن يسخر به، واستدل بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها.
وهذا أخرجه الترمذي، ونقل عن البخاري أنه قال في رواية عمر بن هارون: لا أعلم له حديثا منكرا إلا هذا، وقد ضعّف عمر بن هارون مطلقا جماعة.
وقال عياض: يكره حلق اللحية، وقصها، وتحذيفها، وأما الأخذ من طولها وعرضها إذا عظمت فحسن، بل تكره الشهرة في تعظيمها، كما يكره في تقصيرها، كذا قال.
وتعقبه النووي بأنها خلاف ظاهر الخبر في الأمر بتوفيرها، قال: والمختار تركها على حالها، وأن لا يتعرض لها بتقصير أو غيره، وكأن مراده بذلك في غير النسك، لأن الشافعيّ نصّ على استحبابه فيه، وذكر النووي عن الغزالي- وهو في ذلك تابع لأبى طالب المكيّ في (القوت) - قال: يكره في اللحية عشر خصال: خضبها بالسواد لغير الجهاد، وبغير السواد إيهاما للصلاح لا لقصد الاتباع، وتبييضها استعجالا للشيخوخة لقصد التعاظم على الأقران، ونتفها إبقاء للمرودة، وكذا تحذيفها ونتف الشيب.
ورجح النووي تحريمه لثبوت الزجر عنه، وتصفيفها طاقة طاقة تصنعا ومخيلة ٧ وكذا ترجيلها والتعرض لها طولا وعرضا على ما فيه من اختلاف، وتركها شعثة إيهاما للزهد، والنظر إليها إعجابا.
وزاد النووي: وعقدها، لحديث رويفع رفعه: من عقد لحيته فإن محمدا منه برئ، الحديث أخرجه أبو داود، قال الخطابي: المراد عقدها في الحرب، وهو من زي الأعاجم، وقيل: المراد معالجة الشعر لينعقد، وذلك من فعل أهل التأنيث.
وأنكر ابن التين ظاهر ما نقل عن ابن عمر فقال: ليس المراد أنه كان يقتصر على قدر القبضة من لحيته، بل كان يمسك عليها فيزيل ما شذّ منها، فيمسك من أسفل ذقنه بأصابعه الأربعة ملتصقة، فيأخذ ما سفل عن ذلك ليتساوى طول لحيته.
قال أبو شامة: وقد حدث قوم يحلقون لحاهم، وهو أشد مما نقل عن المجوس أنهم كانوا يقصونها.
وقال النووي: يستثنى من الأمر بإعفاء اللحى ما لو نبت للمرأة لحية فإنه يستحب لها حلقها، وكذا لو نبت لها شارب أو عنفقة. (فتح الباري) : ١٠/ ٤٢٩- ٤٣٠.