للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] وروى شريك عن أبى ذر رضى اللَّه عنه في تفسير الآية، قال: رأى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم ربه.
وحكى السمر قندى عن محمد بن كعب القرظيّ، وربيع بن أنس أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم سئل: هل رأيت ربك؟ قال: رأيته بفؤادى ولم أره بعيني.
وروى مالك بن يخامر، عن معاذ، عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: رأيت ربى، وذكر كلمة، فقال: يا محمد، فيم يختصم الملأ الأعلى؟ ... الحديث.
وحكى عبد الرزاق أن الحسن كان يحلف باللَّه لقد رأى محمد ربه، وحكاه أبو عمر الطّلمنكيّ عن عكرمة.
وحكى بعض المتكلمين هذا المذهب عن ابن مسعود.
وحكى ابن إسحاق أن مروان سأل أبا هريرة: هل رأى محمد ربه؟ فقال نعم. وحكى النقاش عن أحمد بن حنبل أنه قال: أنا أقول بحديث ابن عباس: بعينه رآه رآه، حتى انقطع نفسه- يعنى نفس أحمد.
وقال أبو عمر: قال أحمد بن حنبل: رآه بقلبه وجبن عن القول برؤيته في الدنيا بالأبصار.
وقال سعيد بن جبير: لا أقول رآه، ولا لم يره، وقد اختلف في تأويل الآية، عن ابن عباس، وعكرمة، والحسن، وابن مسعود، فحكى عن ابن عباس وعكرمة: رآه بقلبه، وعن الحسن وابن مسعود: رأى جبريل، وحكى عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل عن أبيه: أنه قال: رآه.
وعن ابن عطاء في قوله تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ، قال: شرح صدره للرؤية، وشرح صدر موسى للكلام. وقال أبو الحسن على بن إسماعيل الأشعري رضى اللَّه عنه وجماعة من أصحابه، أنه رأى اللَّه تعالى ببصره وعيني رأسه، وقال: كل آية أوتيها نبي من الأنبياء عليهم السلام، فقد أوتى مثلها نبينا صلّى اللَّه عليه وسلّم، وخصّ من بينهم بتفضيل الرؤية، ووقف بعض مشايخنا في هذا وقال: ليس عليه دليل واضح، ولكنه جائز أن يكون.
قال القاضي أبو الفضل- وفقه اللَّه- والحق الّذي لا امتراء فيه، أن رؤيته تعالى في الدنيا جائزة عقلا، وليس في العقل ما يحيلها، والدليل على جوازه في الدنيا سؤال موسى عليه السلام لها، ومحال أن يجهل نبي ما يجوز على اللَّه وما لا يجوز عليه، بل لم يسأل إلا جائزا غير مستحيل، ولكن وقوعه ومشاهدته من الغيب الّذي لا يعلمه إلا من علمه، فقال له اللَّه تعالى: لَنْ تَرانِي أي لن تطيق، ولا تحتمل رؤيتي، ثم ضرب له مثلا مما هو أقوى من بنية موسى وأثبت، وهو الجبل، وكل هذا ليس فيه ما يحيل رؤيته في الدنيا، بل فيه جوازها على الجملة، وليس في الشرع دليل قاطع على استحالتها، ولا امتناعها، إذ كل موجود فرؤيته جائزة غير مستحيلة، ولا حجة لمن استدل على منعها بقوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ لاختلاف التأويلات في الآية.
وليس يقتضي قول من قال: في الدنيا الاستحالة، وقد استدل بعضهم بهذه الآية نفسها على