للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قال أبو عبد اللَّه: معرة، العر: الجرب، تزيلوا: انمازوا، وحميت القوم منعتهم حماية، وأحميت الحمى: جعلته حمى لا يدخل. وأحميت الرجل إذا أغضبته إحماء.]

قال عقيل عن الزهري: قال عروة: فأخبرتنى عائشة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كان يمتحنهن وبلغنا أنه لما أنزل اللَّه أن يردوا إلى المشركين ما أنفقوا على من هاجر من أزواجهن، وحكم على المسلمين أن لا يمسكوا بعصم الكوافر، أن عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه طلق امرأتين، قريبة بنت أبى أمية، وابنة جرول الخزاعي، فتزوج قريبة معاوية، وتزوج الأخرى أبو جهم.

فلما أبى الكفار أن يقروا بأداء ما أنفق المسلمون على أزواجهم، أنزل اللَّه: وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ [ (١) ] ، والعقب ما أدى المسلمون إلى من هاجرت امرأته من الكفار، فأمر أن يعطى من ذهبت له زوج من المسلمين ما أنفق من صداق نساء الكفار اللاتي هاجرن، وما نعلم أحدا من المهاجرات ارتدت بعد إيمانها.

وبلغنا أن أبا بصير بن أسيد الثقفي قدم على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم مؤمنا مهاجرا في المدة، فكتب الأخنس بن شريق [إلى] رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يسأله أبا


[ () ] للسلامة في المال والسلاح والمآل، سواء كان ذلك في حال ضعف المسلمين أو قوتهم، وأن التابع لا يليق به الاعتراض على المتبوع بمجرد ما يظهر في الحال بل عليه التسليم، لأن المتبوع أعرف بمآل الأمور غالبا بكثرة التجربة ولا سيما مع من هو مؤيد بالوحي.
وفيه جواز الاعتماد على خبر الكافر إذا قامت القرينة على صدقه، قال الخطابي مستدلا بأن الخزاعي الّذي بعثه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عينا له ليأتيه بخبر قريش كان حينئذ كافرا: وإنما اختاره لذلك مع كفره ليكون أمكن له في الدخول فيهم، والاختلاط بهم، والاطلاع على أسرارهم، قال:
ويستفاد من ذلك قبول قول الطبيب الكافر، قلت: ويحتمل أن يكون الخزاعي المذكور كان قد أسلم حينئذ، فليس ما قاله دليلا على ما ادعاه، واللَّه سبحانه أعلم بالصواب.
[ (١) ] الممتحنة: ١١