للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] (٦) هو خوات بن جبير الأنصاري، ومن حديثه: أنه حضر سوق عكاظ، فانتهى إلى امرأة من هذيل تبيع السمن، فأخذ نحيا من أنحائها [النحى بكسر النون: الزق الّذي يجعل فيه السمن خاصة] ، ففتحه وذاقه، ودفع فم النحى إليها، فأخذته بإحدى يديها، وفتح الآخر وذاقه ودفع فمه إليها، فأمسكته، بيدها الأخرى، ثم غشيها وهي لا تقدر على الدفع عن نفسها، لحفظها فم النحيين، فلما قام عنها، قالت: لا هناك، فرفع خوات عقيرته، يقول:
وأم عيال واثاقين بكسبها ... خلجت لها جار استها خلجات
شغلت يديها إذا أردت خلاطها ... بنحيين من سمن ذوى عجرات
وأخرجته ريان ينطف رأسه ... من الرامك المخلوط بالمقرات
فكان لها الويلات من ترك نحيها ... وويل لها من شدة الطعنات
فشدت على النحيين كفى شحيحة ... على سمنها والفتك من فعلاتى
فضربت العرب بهما المثل فقالت: «أنكح من خوات» ، «وأغلم من خوات» ، «أشغل من ذات النحيين» ، «أشح من ذات النحيين» .
والرامك: ضرب من الطيب تتضايق به المرأة، كما تتضايق بعجم الزبيب، ومن ذلك ما قاله عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين في كتابه إلى الحجاج الثقفي يلومه لما تطاول على سيدنا أنس بن مالك: أما بعد، فإنك عبد من ثقيف طمحت بك الأمور، فعلوت فيها وطغيت، حتى عدوت قدرك، وتجاوزت طورك، يا ابن المستفرمة بعجم الزبيب، (الوافي) ٩/ ٤١٢.
وقال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب: خوات بن جبير هو صاحب النحيين- بكسر النون وسكون المهملة تثنية نحى، وهو ظرف السمن، فقد ذكر ابن أبى خيثمة القصة من طريق ابن سيرين، قال: كانت امرأة تبيع سمنا في الجاهلية، فدخل رجل فوجدها خالية، فراودها، فأبت، فخرج فتنكر ورجع، فقال: هل عندك سمن طيب؟ قالت: نعم، فحلت زقا فذاقه، فقال: أريد أطيب منه، فأمسكته وحلت آخر، فقال: أمسكيه فقد انفلت بعيري، قالت:
اصبر حتى أوثق الأول، قال: لا، قالت: وإلا تركته من يدي يهراق، قال: فإنّي أخاف أن لا أجد بعيري، فأمسكته بيدها الأخرى، فانقض عليها، فلما قضى حاجته قالت له: لا هناك.
قال الواقدي: عاش خوات إلى سنة أربعين، فمات فيها وهو ابن أربع وسبعين سنة بالمدينة، وكان ربعة من الرجال، له ترجمة في (الإصابة) : ٢/ ٣٤٦- ٣٤٨، ترجمة رقم