للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأستعمل عليهم رجلا من الأنصار وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا، فأغضبوه في شيء فقال: أجمعوا لي حطبا، فجمعوا له، ثم قال: أوقدوا نارا، فأوقدوا ثم قال: ألم يأمركم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا: بلى.

قال: فنظر بعضهم إلى بعض! فقالوا: انما فررنا إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم من النار، فكانوا كذلك، وسكن غضبه، وطفئت النار، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم، فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها، إنما الطاعة في المعروف

واللفظ لمسلم.

[قال: وحدثنا أبو بكر بن أبى شيبة، حدثنا وكيع، وأبو معاوية بهذا الإسناد نحوه] .

وقال البخاري في حديثه: فلما هموا بالدخول [فقاموا] ينظر بعضهم إلى بعض، فقال بعضهم: إنما تبعنا النبي صلى اللَّه عليه وسلّم فرارا من النار! أفندخلها؟

فبينما هم كذلك.... الحديث. وقال في آخره: ما خرجوا منها أبدا ذكره في كتاب الأحكام، وذكره مسلم في كتاب الإمارة، وقال البخاري في كتاب المغازي، في سرية عبد اللَّه بن حذافة السهمىّ وعلقمة بن مجزر المدلجي- ويقال لها: سرية الأنصاري- وذكر حديث الأعمش بنحو مما تقدم أو قريبا منه.


[ () ] من هذه الأمة لا يجتمعون على خطأ، لانقسام السرية قسمين: منهم من هان عليه دخول النار فظنه طاعة، ومنهم من فهم حقيقة الأمر، وأنه مقصور على ما ليس بمعصية، فكان اختلافهم سببا لرحمة الجميع. قال: وفيه أن من كان صادق النية لا يقع إلا في خير، ولو قصد الشر فإن اللَّه تعالى يصرفه عنه.
ولهذا قال بعض أهل المعرفة: من صدق مع اللَّه وقاه اللَّه، ومن توكل على اللَّه كفاه اللَّه. (فتح الباري) .
[ (٢) ] (مسلم بشرح النووي) : ١٢/ ٤٧٠، كتاب الإمارة، باب (٨) وجوب طاعة الأمراء من غير معصية، وتحريمها في المعصية حديث رقم (٤٠) ، وما بين الحاصرتين زيادة للسياق من (صحيح مسلم) .