للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كنت لأدخل البيت والمريض فيه فما أسال عنه إلا وأنا مارة وإن كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم ليدخل عليّ رأسه وهو في المسجد فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إلا إذا كان معتكفا. وفي لفظ مسلم: «إذا كانوا معتكفين» .

وذكره أبو داود [ (١) ] من حديث مالك عن ابن شهاب إلى آخره، وذكره بعده من حديث الليث عن ابن شهاب وعروة عن عمرة، عن عائشة رضى اللَّه


[ () ] قوله: (وكان لا يدخل البيت إلا حاجة) زاد مسلم إلا حاجة الإنسان وفسرها الزهري بالبول والغائط، وقد اتفقوا على استثنائهما، واختلفوا في غيرهما من الحاجات كالأكل والشرب، ولو خرج لهما فتوضأ خارج المسجد لم يبطل. ويلتحق بهما القيء والفصد لمن احتاج إليه، ووقع عند أبى داود من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: «السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه» قال أبو داود غير عبد الرحمن لا يقول فيه البتة، وجزم الدارقطنيّ بأن القدر الّذي من حديث عائشة قولها: «لا يخرج إلا لحاجة» وما عداه ممن دونها، وروينا عن عليّ والنخعىّ والحسن البصري إن شهد المعتكف جنازة أو عاد مريضا أو خرج للجمعة بطل اعتكافه، وبه قال الكوفيون وابن المنذر في الجمعة، وقال الثوري والشافعيّ وإسحاق إن شرط شيئا من ذلك في ابتداء اعتكافه لم يبطل اعتكافه بفعله وهو رواية عن أحمد.
[ (٥) ] (مسلم بشرح النووي) : ٣/ ٢١٢- ٢١٣: كتاب الحيض باب (٣) جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، وطهارة سؤرها، والاتكاء في حجرها، وقراءة القرآن فيه، حديث رقم (٧) ، وفيه أن المعتكف إذا خرج بعضه من المسجد، كيده ورجله ورأسه، لم يبطل اعتكافه، وإن حلف أن لا يدخل دارا أو لا يخرج منها، فأدخل أو أخرج بعضه لا يحنث، واللَّه تبارك وتعالى أعلم.
وفيه جواز استخدام الزوجة في الغسل والطبخ وغيرها برضاها، وعلى هذا تظاهرت دلائل السنة، وعمل السلف، وإجماع الأمة. وأما بغير رضاها فلا يجوز، لأن الواجب عليها تمكين الزوج من نفسها، وملازمة بيته فقط، واللَّه تبارك وتعالى أعلم.
[ (١) ] (سنن أبى داود) : ٢/ ٨٣٢- ٨٣٣، كتاب الصوم، باب (٧٩) المعتكف يدخل البيت لحاجة، حديث رقم (٢٤٦٧) . قال الخطابي: فيه بيان أن المعتكف لا يدخل بيته إلا لغائط أو بول، فإن دخله لغيرهما من طعام وشراب فسد اعتكافه.