قوله: (لقد رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم يوما في باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد) فيه جواز ذلك في المسجد، وحكى ابن التين عن أبى الحسن اللخمي أن اللعب بالحراب في المسجد منسوخ بالقرآن والسنة: أما القرآن فقوله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وأما السنة فحديث «جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم» . وتعقب بأن الحديث ضعيف، وليس فيه ولا في الآية تصريح بما ادعاه، ولا عرف التاريخ فيثبت النسخ. وحكى بعض المالكية عن مالك أن لعبهم كان خارج المسجد وكانت عائشة في المسجد، وهذا لا يثبت عن مالك فإنه خلاف ما صرح به في طرق هذا الحديث، وفي بعضها أن عمر أنكر عليهم لعبهم في المسجد فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلّم: «دعهم» واللعب بالحراب ليس لعبا مجردا بل فيه تدريب الشجعان على مواقع الحروب والاستعداد للعدو. وقال المهلب: المسجد موضع لأمر جماعة المسلمين، فما كان من الأعمال يجمع منفعة الدين وأهله جاز فيه. وفي الحديث جواز النظر إلى اللهو المباح، وفي حسن خلقه صلى اللَّه عليه وسلّم مع أهله وكرم معاشرته، وفضل عائشة وعظيم محلها عنده. قوله: (يسترني بردائه) يدل على أن ذلك كان بعد نزول الحجاب، ويدل على جواز نظر المرأة إلى الرجل. وأجاب بعض من منع بأن عائشة كانت إذ ذاك صغيرة، وفيه نظر لما ذكرنا وادعى بعضهم بحديث «أفعمياوان أنتما» ؟ وهو حديث مختلف في صحته. [ (١) ] (سنن النسائي) : ٣/ ٢١٧، كتاب العيدين، باب (٣٥) اللعب في المسجد يوم العيد ونظر النساء إلى ذلك، حديث رقم (١٥٩٤) . قال الإمام النووي: فيه جواز اللعب بالسلاح ونحوه من آلات الحرب في المسجد ويلتحق به ما في معناه من الأسباب المعينة على الجهاد وأنواع البر. وفيه جواز نظر النساء إلى لعب الرجال من غير نظر إلى نفس البدن وأما نظر المرأة إلى وجه الرجل الأجنبي فإن كان بشهوة