للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] وأخرجه البخاري أيضا في كتاب التفسير، باب (٧) تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ، حديث رقم (٤٧٨٨) ، عن عائشة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم وأقول: أتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل اللَّه تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ قلت: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك.
قال الحافظ في (الفتح) وحكى الواحدي عن المفسرين أن هذه الآية نزلت عقب نزول آية التخيير، وذلك أن التخيير لما وقع أشفق بعض الأزواج أن يطلقهن وقوله: وهبن أنفسهن هذا ظاهر في أن الواهبة أكثر من واحدة.
وعند ابن أبى حاتم من حديث عائشة: التي وهبت نفسها للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم هي خولة بنت حكيم، ومن طريق الشعبي قال: من الواهبات أم شريك. وأخرجه النسائي من طريق عروة. وعند أبى عبيدة معمر بن المثنى أن من الواهبات فاطمة بنت شريح. وقيل: إن ليلى بنت الحطيم ممن وهبت نفسها له ومنهن زينب بنت خزيمة، جاء عن الشعبي وليس بثابت، وخولة بنت حكيم وهو في هذا الصحيح، ومن طريق قتادة عن ابن عباس قال: التي وهبت نفسها للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم هي ميمونة بنت الحارث، وهذا منقطع. وأورده من وجه آخر مرسل وإسناده ضعيف.
قوله: (ما أرى ربك إلا يسارع في هواك) أي ما أرى اللَّه إلا موجدا لما تريد بلا تأخير، منزلا لما تحب وتختار. وقوله: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ أي تؤخرن بغير قسم، وهذا قول الجمهور، وأخرجه الطبري عن ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وأبى رزين وغيرهم، وأخرج الطبري أيضا عن الشعبي في قوله: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ قال: كن نساء وهبن أنفسهن للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم، فدخل ببعضهن وأرجا بعضهن لم ينكحهن، وهذا شاذ، والمحفوظ أنه لم يدخل بأحد من الواهبات كما تقدم.
وقيل: المراد بقوله: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ أنه كان هم بطلاق بعضهن، فقلن له: لا تطلقنا واقسم لنا ما شئت، فكان يقسم لبعضهن قسما مستويا، وهن اللاتي آواهن، ويقسم للباقي ما شاء وهن اللاتي أرجاهن.
فحاصل ما نقل في تأويل تُرْجِي أقوال: أحدها: تطلق وتمسك، ثانيها: تعتزل من شئت منهن بغير طلاق وتقسم لغيرها، ثالثها: تقبل من شئت من الواهبات وترد من شئت.