لوجود حقيقة الصلاة منه، فإن حقيقتهما الثناء، وإرادة الإكرام والتقريب، وإعلاء المنزلة، وهذا حاصل من صلاة العبد، لكن العبد يريد ذلك من اللَّه- تعالى- واللَّه- سبحانه- يريد ذلك من نفسه أن يفعله برسله.
وأما على الوجه الثاني: فإنه سمى مصليا لطلبه ذلك من اللَّه، لأن الصلاة من نوع الكلام الطلبى والخبرى، وقد وجد ذلك من المصلى بخلاف الرحمة، والرحمة أفعال لا تحصل من الطالب وإنما تحصل من المطلوب منه.
الوجه العاشر:
أنه قد ثبت عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم أنه قال: من صلّى على مرة صلى اللَّه بها عشرا، وأن اللَّه تعالى قال: من صلّى عليك من أمتك مرة صليت عليه عشرا.
وهذا موافق للقاعدة المستقرة في الشريعة أن الجزاء من جنس العمل، وصلاة اللَّه تعالى على المصلى على رسوله جزاء لصلاته هو عليه، ومعلوم أن صلاة العبد على رسوله صلّى اللَّه عليه وسلّم ليست هي رحمة من العبد لتكون صلاة اللَّه من جنسها، وإنما هي ثناء على الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم وإرادة من اللَّه- تعالى- أن يعلى ذكره ويزيده تعظيما وتشريفا، والجزاء من [جنس] [ (١) ] العمل، فمن أثنى على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم جزاه اللَّه- تعالى- من جنس عمله بأن يثنى عليه ويزيد تشريفة وتكريمة، فصح ارتباط الجزاء بالعمل ومشاكلته له، ومناسبته إياه،
كقوله صلّى اللَّه عليه وسلّم من يسر على معسر يسر اللَّه عليه حسابه، ومن ستر مسلما ستره اللَّه في الدنيا والآخرة ومن نفس عن مؤمن كربه من كرب الدنيا نفس اللَّه عنه كربه من كرب يوم القيامة، واللَّه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل اللَّه له به طريقا إلى الجنة. ومن سئل عن علم فكتمه ألجمه اللَّه يوم القيامة بلجام من نار، ومن صلّى على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم مرة، صلى اللَّه عليه عشرا،
ونظائره كثيرة.
الوجه الحادي عشر: إنّ أحدا قال: إنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم رحمه اللَّه، بدل صلّى اللَّه عليه وسلّم، لبادرت الأمة إلى الإنكار عليه، وعدوه مبتدعا غير موقر للرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم ولا