للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وإياي ولكن اللَّه أعاننى عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير،

قال: فإذا كان هذا حكم شيطانه وقرينه المسلط على بني آدم، فكيف بمن بعد عن سنته ولم يلزم شخصه، ولا قدر على الدنوّ منه؟

وقد جاءت الآثار بتصدي الشياطين له في غير موطن، رغبة في إخفاء نوره وإبانة نفسه، وإدخال شغل عليه، إذ يئسوا من أعوانه، فانقلبوا خاسرين، كتعرضه له في الصلاة، فأخذه النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وأسره.

ففي الصحاح قال أبو هريرة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه: عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم إن الشيطان عرض لي، قال عبد الرزاق: في صورة هرّ فشدّ عليّ يقطع على الصلاة، فأمكننى اللَّه منه فذعته، ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية، حتى تصبحوا تنظرون إليه، فذكرت قول: أخى سليمان: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً [ (١) ] الآية، فرده اللَّه خاسئا.

وفي حديث أبي الدرداء رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم أن عدو اللَّه إبليس جاءني بشهاب من نار، ليجعله في وجهي، والنبي صلّى اللَّه عليه وسلّم في الصلاة، وذكر تعوذه باللَّه منه، ولعنه له، ثم أردت آخذه وذكر نحوه، وقال:

لأصبحنه موثقا يتلاعب به ولدان أهل المدينة.

وكذلك في حديث الأسماء وطلب العفريت له بشلغه، فعلمه جبريل ما يتعوذ به منه، ذكره في (الموطأ) [ (٢) ] ، ولما لم يقدر على أذاه بمباشرته تثبت بالتوسط الى عداه كقضيته مع قريش في الائتمار بقتل النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، وتصوره في صورة الشيخ النجدي، ومرة أخرى يوم بدر في صورة سراقة بن مالك، وهو قوله تعالى: وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ [ (٣) ] الآية، ومرة ينذر بشأنه


[ (١) ] ص: ٣٥، وتمامها: لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.
[ (٢) ] ورواه مسلم: في المساجد، باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة، حديث رقم (٥٤٢) .
والنسائي: ٣/ ١٣ في السهو، باب لعن إبليس والتعوذ منه في الصلاة.
[ (٣) ] الأنفال: ٤٨، وتمامها: وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ.