للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن تشركوا، بعدي ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تتنافسوا فيها وتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم.

قال عقبة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: وكان آخر ما رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على المنبر، ذكره في المناقب [ (١) ] وذكره البخاري في المغازي [ (٢) ] من حديث ابن المبارك عن حيوة، عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلي المنبر فقال: إني فرط لكم وأنا شهيد عليكم، وإني لأنظر إلي حوضي الآن، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح الأرض، وإني واللَّه ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها.


[ (١) ] (مسلم بشرح النووي) : ١٥/ ٦٤، كتاب الفضائل، باب (٩) إثبات حوض نبينا صلى اللَّه عليه وسلم وصفاته، حديث رقم (٣١) .
[ (٢) ] فتح الباري: ٧/ ٤٤٢، كتاب المغازي، باب (١٧) غزوة أحد، حديث رقم (٤٠٤٢) ، وأخرجه أيضا في باب (٢٨) أحد جبل يحبنا ونحبه. قاله عباس بن سهل عن أبي حميد عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (٤٠٨٥) .
قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «أحد جبل يحبنا ونحبه»
للعلماء في معني ذلك أقوال:
أحدهما: أنه على حذف مضاف. والتقدير أهل أحد، والمراد بهم الأنصار لأنهم جيرانه.
ثانيها: أنه قال ذلك للمسرة بلسان الحال إذا قدم من سفر، لقربة من أهله ولقياهم، وذلك فعل من يحب بمن يحب.
ثالثها: أن الحب من الجانبين على حقيقة وظاهرة، لكون أحد من جبال الجنة كما ثبت
من حديث أبي عبس عن جابر مرفوعا: «جبل أحد يحبنا ونحبه وهو من جبال الجنة» أخرجه الإمام أحمد.
ولا مانع في جانب البلد من إمكان المحبة منه كما جاز التسبيح منها، وقد خاطبه صلى اللَّه عليه وسلم مخاطبة من يعقل فقال لما اضطرب «اسكن أحد» الحديث.
وقال السهيليّ: كان صلى اللَّه عليه وسلم يحب الفأل الحسن، والاسم الحسن، واسم أحد من أسم مشتق من الأحدية فحركات حروفه الرفع، وذلك يشعر بارتفاع دين الأحد وعلوه فتعلق الحب من النبي صلى اللَّه عليه وسلم به لفظا ومعني، فخص من بين الجبال بذلك. واللَّه تعالي أعلم.