وقد روي عن أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه قال: لا ينبغي رفع الصوت على نبي حيا ولا ميتا. وروي عن عائشة رضي اللَّه عنها أنها كانت تسمع صوت الوتد يوتد والمسمار يضرب في بعض الدور المطيفة بمسجد النبي صلى اللَّه عليه وسلم فترسل إليهم: لا تؤذوا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. قالوا: وما عمل علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه مصراعي داره إلا بالمصانع توقيا لذلك. نقله ابن زبالة فيجب الأدب معه كما في حياته. وينبغي للزائر أن يتقدم إلى القبر الشريف من جهة القبلة، وإن جاء من جهة رجلي الصاحبين فهو أبلغ في الأدب من الإتيان من جهة رأسه المكرم. ويستدبر القبلة ويقف قبالة وجهه صلى اللَّه عليه وسلم بأن يقابل المسمار. وقد روى ابن المبارك عن سعيد بن المسيب: ليس من يوم إلا ويعرض على النبي صلى اللَّه عليه وسلم أعمال أمته غدوة وعشية، فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم، فلذلك يشهد عليهم. ويمثل الزائر وجهه الكريم صلى اللَّه عليه وسلم في ذهنه، ويحضر قلبه جلال رتبته، وعلو منزلته، وعظيم حرمته، وإن أكابر الصحابة ما كانوا يخاطبونه إلا كأخي السرار، تعظيما لما عظم اللَّه من شأنه. وقد روى ابن النجار أن امرأة سألت عائشة رضي اللَّه عنها: أن اكشفي لي عن قبر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فكشفته فبكت حتى ماتت. وحكي عن أبي الفضائل الحموي، أحد خدام الحجرة المقدسة، أنه شاهد شخصا من الزوار الشيوخ، أتي باب مقصورة الحجرة الشريفة، فطأطأ رأسه نحو العتبة، فحركوه فإذا هو ميت، وكان ممن شهد جنازته. ثم يقول الزائر بحضور قلب، وغض بصر وصوت، وسكون جوارح وإطراق: السلام عليك يا رسول اللَّه، السلام عليك يا نبي اللَّه، السلام عليك يا حبيب اللَّه، السلام عليك يا خيرة اللَّه، السلام عليك يا صفوة اللَّه، السلام عليك يا سيد المرسلين، وخاتم النبيين، السلام عليك يا قائد الغر المحجلين، السلام عليك وعلى أهل بيتك الطيبين الطاهرين، السلام عليك وعلى أزواجك الطاهرات أمهات المؤمنين، السلام عليك وعلى أصحابك أجمعين، السلام عليك وعلى سائر الأنبياء وسائر عباد اللَّه الصالحين، جزاك اللَّه عنا يا رسول اللَّه أفضل ما جازى نبيا ورسولا عن أمته، وصلى اللَّه عليك كلما ذكرك الذاكرون، وغفل عن ذكرك الغافلون، أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأشهد أنك عبده ورسوله وأمينه، وخيرته من خلقه، وأشهد أنك قد بلغت