للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وله من حديث أبي عيينة، أخبرنا زياد أنه سمع المغيرة يقول: قام النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم حتى تورمت قدماه، فقيل له: قد غفر اللَّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال:

أفلا أكون عبدا شكورا؟ [ (١) ] .

وخرّج قاسم بن أصبغ من حديث سفيان عن زياد بن علاقة عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: جعلت قرة عيني الصلاة [ (٢) ] ، وكان يصلي حتى ترم قدماه، قال: فقيل له يا رسول اللَّه! أليس قد غفر اللَّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا؟

وله من حديث شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يصلي حتى ترم قدماه، فقيل له: تفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا؟

وخرّج ابن حبان في صحيحه من حديث أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب أن عليا قال: إن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لما أصبح ببدر من الغد أحيا تلك الليلة كلها وهو مسافر [ (٣) ] .


[ () ] وفيه: مشروعية الصلاة للشكر، وفيه أن الشكر يكون بالعمل، كما يكون باللسان، كما قال تعالى:
اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وقال القرطبي: ظن من سأله عن سبب تحمله المشقة في العبادة أنه إنما يعبد اللَّه خوفا من الذنوب وطلبا للمغفرة والرحمة، فمن تحقق أنه غفر له لا يحتاج إلى ذلك، فأفادهم أن هناك طريقا آخر للعبادة وهو الشكر على المغفرة، وإيصال النّعمة لمن لا يستحق عليه فيها شيئا، فيتعين كثرة الشكر على ذلك.
والشكر: الاعتراف بالنعمة والقيام بالخدمة، فمن كثر ذلك منه سمّي شكورا، ومن ثم قال سبحانه وتعالى: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ وفيه: ما كان عليه النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم من الاجتهاد في العبادة، والخشية من ربه، قال العلماء: إنما ألزم الأنبياء أنفسهم بشدّة الخوف لعلمهم بعظيم نعمة اللَّه تعالى عليهم، وأنه ابتدأهم بها قبل استحقاقها، فبذلوا مجهودهم في عبادته ليؤدوا بعض شكره، مع أن حقوقه أعظم من أن يقوم بها العباد. وطرفه في الحديث رقم (٦٤٧١) .
[ (١) ]
(المرجع السابق) : ج ٨ ص ٧٥١ حديث رقم (٤٨٣٦) : «حدثنا صدقة بن الفضل، أخبرنا ابن عيينة، حدثنا زياد أنه سمع المغيرة يقول: «قام النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، حتى تورمت قدماه، فقيل له: غفر اللَّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: أفلا أكون عبدا شكورا» .
[ (٢) ] (البداية والنهاية) : ج ٦ ص ٣٠، (كنز العمال) : ج ٧ ص ٢٨٦ حديث رقم (١٨٩١٢) ، الطبراني عن أنس.
[ (٣) ] (الإحسان) : ج ١١ ص ٧٣، حديث رقم (٤٧٥٩) ، إسناده حسن، رجاله رجال الشيخين،