للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وله من حديث مغيرة بن أبي الخواء الكندي عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده قال: جاء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ونحن جلوس فقال: ما أصبحت غداة قط إلا استغفرت اللَّه فيها مائة مرة [ (١) ] .

وله من حديث عفان عن حماد بن سلمة قال: أخبرنا ثابت عن أبي بردة عن [الأغر المزني] [ (٢) ] قال: سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: إنه ليغان على قلبي حتى استغفر اللَّه في كل يوم مائة مرة [ (٣) ] .


[ () ] حديث رقم (٣٠٧٧- ٣٨١٦) ، وقال فيه «سبعين مرة» ، قال الألباني: صحيح.
[ (١) ] (المطالب العالية) : ج ٣ ص ١٩٧، حديث رقم (٢٣٤٢) ، رواه الطبراني بغير هذا اللفظ، وبزيادة. «وأتوب إليه» قال الهيثمي: رجال أحد إسناديه رجال الصحيح (١٠/ ٢٠٩) ، وصحح إسناده البوصيري (٣/ ٩٦) .
[ (٢) ] ما بين القوسين غير واضح في (خ) ، وما أثبتناه من (صحيح مسلم) .
[ (٣) ] (مسلم بشرح النووي) : ج ١٧ ص ٢٦- ٢٧، حديث رقم (٤١- ٢٧٠٢) باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه، وقال فيه: «إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر اللَّه في اليوم مائة مرة» .
قال أهل اللغة: الغين والغيم بمعنى، والمراد هنا ما يتغشّى القلب. قال القاضي:
قيل: المراد الفترات والغفلات عن الذكر الّذي كان شأنه الدوام عليه، فإذا فتر عنه أو غفل، عدّ ذلك ذنبا واستغفر منه.
وقيل: هو همه بسبب أمته، وما أطلع عليه من أحوالها بعده فيستغفر لهم.
وقيل: سببه اشتغاله بالنظر في مصالح أمته وأمورهم، ومحاربة العدو ومداراته، وتأليف المؤلفة، ونحو ذلك، فيشتغل بذلك من عظيم مقامه، فيراه ذنبا بالنسبة إلي عظيم منزلته، وإن كانت هذه الأمور من أعظم الطاعات، وأفضل الأعمال، فهي نزول عن عالي درجته، ورفيع مقامه، من حضوره مع اللَّه تعالى، ومشاهدته، ومراقبته، وفراغه مما سواه، فيستغفر لذلك.
وقيل: يحتمل أن يكون هذا الغين هو السكينة التي تغشي قلبه، لقوله تعالى: فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ (آية ١٨/ الفتح) ، ويكون استغفاره إظهارا للعبودية والافتقار، وملازمة الخشوع، وشكرا لما أولاه.
وقيل: يحتمل أن يكون هذا الغين حال خشية وإعظام يغشي القلب، ويكون استغفاره شكرا كما سبق.
وقيل: هو شيء يعتري القلوب الصافية، مما تتحدث به النفس، فهو شأنها، واللَّه أعلم. (المرجع السابق) .
(عون المعبود) : ج ٤ ص ٢٦٥، حديث رقم (١٥١٢) وقال فيه: «في كل يوم مائة مرة» ، قال في النهاية: وغينت السماء تغان إذا أطبق عليها الغيم، وقيل: الغين شجر ملتف. أراد ما يغشاه من السهو الّذي لا يخلو منه البشر، لأن قلبه أبدا كان مشغولا باللَّه تعالى، فإن عرض له وقتا ما عارض بشريّ يشغله عن أمور الأمة أو الملة ومصالحهما، عدّ ذلك ذنبا وتقصيرا، فيفرغ إلى الاستغفار.