للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشمس كورت، وإذا السماء انفطرت، فاستطار [ (١) ] فيه القتير [ (٢) ] فقال له أبو بكر رضي اللَّه عنه: أسرع فيك القتير [ (٢) ] ! بأبي أنت وأمي، فقال: شيبتني هود وصواحباتها [ (٣) ] هذه، وفيها، والمرسلات.

وخرّج البخاري من حديث أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال:

قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لن ينجى أحدا منكم عمله، قالوا: ولا أنت يا رسول اللَّه؟

قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني اللَّه برحمة، سدّدوا، وقاربوا، وأغدوا، وروحوا، وشيء من الدّلجة، والقصد القصد (تبلغوا) [ (٤) ] ذكره في الرقاق [ (٥) ]


[ () ] والصحيح ما رواه أبو سلمة عن حماد عن ثابت. وحميد عن الحسن مرسلا، ورواه ابن مردويه من رواية روح بن عبادة، عن حماد، عن حميد عن أنس موصولا أيضا، وهذه متابعة قوية لمؤمل.
وفي الباب عن ربيعة بن عامر بن نجاد، أخرجه الحاكم في (المستدرك) : ١/ ٦٧٦، حديث رقم (١٨٣٦/ ٣٦) ، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه، وفيه رشد بن سعد، وهو ضعيف، وعن ابن عمر أخرجه ابن مردويه، وإسناده ضعيف.
[ (١) ] استطار: انتشر وتفرق كأنه طار في نواحيها، ومنه استطار الصدع في الحائط إذا انتشر فيه، واستطار البرق إذا انتشر في السماء. (لسان العرب) : ٤/ ٥١٣.
[ (٢) ] القتير: الشيب (سنن أبي داود) : ج ٢ ص ٥٨١، كتاب النكاح، باب في تزويج من لم يولد، وقال في (لسان العرب) : القتير: هو الشيب، أول ما يظهر منه، وفي الحديث: «ويقرن أيّ النساء هي اليوم؟ قال: قد رأت القتير» ، قال الخطابي: يريد بسنّ أيّ النساء هي، والقرن: بنو سنّ واحد، يقال: هؤلاء قرن زمان، وفي النهاية: بقرن أي النساء هي؟ أي بسنّ أيتهن؟، قد رأت القتير: كناية عن تجاوزها سنّ التزويج. (عون المعبود) : ٣/ ٩٣، (لسان العرب) : ٥/ ٧٢.
[ (٣) ] لم أقف على حديث شيبتني هود بلفظ (صواحباتها) .
[ (٤) ] تتمه من البخاري.
[ (٥) ]
(فتح الباري) : ١١/ ٣٥٥، حديث رقم (٦٤٦٣) ، وبعده حديث رقم (٦٤٦٤) : «عن عائشة أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: «سدّدوا وقاربوا، واعلموا أن لن يدخل أحدكم عمله الجنة، وأن أحب الأعمال إلى اللَّه أدومها وإن قلّ»
قوله: «ينجي» ، أي يخلص، والنجاة من الشيء: التخلص منه، قال ابن بطال في الجمع بين هذا الحديث وقوله تعالى: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ما محصله: أن تحمل الآية على أن الجنة تنال المنازل فيها بالأعمال، فإن درجات الجنة متفاوتة بحسب الأعمال، وأن يحمل الحديث على دخول الجنة والخلود فيها، ثم أورد على هذا الجواب قوله تعالى: سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فصرح بأن دخول الجنة أيضا بالأعمال، وأجاب بأنه لفظ مجمل بينه الحديث، والتقدير:
ادخلوا منازل الجنة وقصورها بما كنتم تعملون، وليس المراد بذلك أصل الدخول.
وقال القاضي عياض: طريق الجمع أن الحديث فسّر ما أجمل في الآية، فذكر نحوا من كلام ابن بطال