للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يشهد مع المشركين مشاهدهم، قال: فسمع ملكين خلفه وأحدهما يقول لصاحبه: اذهب حتى نقوم خلف رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: كيف نقوم خلفه وإنما عهده باستلام الأصنام قبيل؟ قال: فلم يعد بعد ذلك أن يشهد مع المشركين مشاهدهم. قال أبو القاسم الطبراني في تفسير قول جابر: وإنما عهده باستلام الأصنام يعني أنه شهد مع من استلم الأصنام وذلك قبل أن يوحى إليه [ (١) ] .


[ (١) ] (المطالب العالية) : ٤/ ١٧٩، حديث رقم (٤٢٦١) قال في هامشه: «هذا الحديث أنكره الناس على عثمان بن أبي شيبة فبالغوا، والمنكر منه قوله عن الملك أنه قال: عهده باستلام الأصنام، فإن ظاهره أنه باشر الاستلام، وليس ذلك مرادا، بل المراد أن الملك أنكر شهوده لمباشرة المشركين قبل البعثة منكرا عليهم.
وقال البوصيري: رواه أبو يعلي بسند فيه عبد اللَّه بن محمد بن عقيل. وقال الهيثمي: فيه عبد اللَّه بن محمد، ولا يحتمل هذا من مثله، إلا أن يكون يشهد تلك المشاهد للإنكار، وهذا يتجه. وبقية رجاله رجال الصحيح ٨٠/ ٢٦٦.
وفي الباب بعده: باب البيان بأن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم لما مسّ الصنم إنما مسّه موبّخا لعابديه، حديث رقم (٤٢٦٢) : ابن بريدة عن أبيه قال: دخل جبريل المسجد الحرام فطفق ينقلب، فبصر بالنبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم نائما في ظل الكعبة، فأيقظه، فقام، وهو ينفض رأسه ولحيته من التراب، فانطلق به نحو باب بني شيبة، فتلقاهما ميكائيل، فقال جبريل لميكائيل: ما منعك أن تصافح النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، فقال: أجد من يده ريح النحاس، وكأن جبريل أنكر ذلك، فقال: أفعلت ذلك؟ فكأن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم نسي، ثم ذكر فقال:
«صدق أخي، مررت أوّل من أمس على إساف ونائلة، فوضعت يدي على أحدهما فقلت: إن قوما رضوا بكما إلها مع اللَّه قوم سوء» . هذا الحديث ضعّف البوصيري سنده لضعف صالح بن حبان، وقد استدل به الحافظ على كون الحديث الأول (٤٢٦١) مصروفا عن الظاهر.
وأيضا
في (المطالب العالية) ٤/ ٩٥- ٩٦، حديث رقم (٤٠٥٧) : زيد بن حارثة قال: خرجت مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يوما حارا من أيام مكة، وهو مردفى إلى نصب من الأنصاب، وقد ذبحنا له شاة فأنضجناها قال: فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: «يا زيد! ما لي أرى قومك قد شنفوا لك؟» -[شنف له:
إذا أبغضه]- قال: واللَّه يا محمد إن ذلك لغير نائلة لي منهم، ولكني خرجت أبتغي هذا الدين حتى أقدم على أحبار فدك، فوجدتهم يعبدون اللَّه ويشركون به، فقلت: ما هذا الدين الّذي أبتغي، فقال شيخ منهم: إنك لتسأل عن دين ما نعلم أن أحدا يعبد اللَّه به إلا شيخا بالحيرة، فخرجت، حتى أقدم فلما رآني قال: ممّن أنت؟ قلت: من أهل بيت اللَّه ومن أهل الشوك والقرظ-[ورق السلم يدبغ به]- فقال: إن الّذي تطلب قد ظهر ببلادك، قد بعث نبي قد طلع نجمه، وجميع من رأيتهم في ضلال، فلم أحسّ بشيء بعد يا محمد، قال: فقرب إليه السفرة فقال: ما هذا؟ قال: «شاة ذبحناها لنصب من الأنصاب» فقال: ما كنت لآكل مما لم يذكر اسم اللَّه عليه، قال زيد بن حارثة: فأتى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم البيت فطاف به وأنا معه، وبالصفا والمروة، وكان عند الصفا والمروة صنمان من نحاس، أحدهما يقال له:
يساف، والآخر يقال له: نائلة، وكان المشركون إذا طافوا مسحوا بهما، فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم:
«لا تمسحهما فإنّهما رجس» فقلت في نفسي: لأمسّهما حتى انظر ما يقول النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، فمسحتهما، فقال: «ألم تنه؟» .