للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرج من حديث عبد اللَّه بن محمد بن يحيى بن عروة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: سمعت زيد بن عمرو بن نفيل يعيب أكل ما ذبح لغير اللَّه، فما ذقت شيئا ذبح على النصب حتى أكرمني اللَّه بما أكرمني به من رسالته.

وقال عمرو بن شيبة: حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا ابن وهب، حدثنا عبد اللَّه بن عمر أنه بلغه أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: إن أول ما أوقع اللَّه في نفس هذا الأمر أن عمي أبا طالب ذبح للأنصاب فبعثني بلحم على حمار إليها، فمررت بزيد بن عمرو بن نفيل [ (١) ] فقلت: يا عم، ألا نأكل من هذا اللحم؟ قال: يا ابن أخي، إني


[ (١) ] هو زيد بن عمرو بن نفيل العدوي، كان ممن فرّ إلى اللَّه من عبادة الأصنام، وساح في أرض الشام يتطلّب الدين القيم، فرأى اليهود والنصارى، فكره دينهم، وقال: اللَّهمّ إني على دين إبراهيم، ولكن لم يظفر بشريعة إبراهيم عليه السلام كما ينبغي، ولا رأى من يوقفه عليها، وهو من أهل النجاة، فقد شهد له النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، ولم يعش حتى بعث.
وروى هشام بن عروة فيما نقله عن ابن أبي الزناد، أنه بلغه أن زيد بن عمرو كان بالشام، فلما بلغه خبر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أقبل يريده، فقتله أهل ميفة بالشام. وروى الواقدي أنه مات فدفن بأصل حراء، وقال ابن إسحاق: قتل ببلاد لحم. والظاهر أن زيدا رحمه اللَّه توفى قبل المبعث، فقد نقل ابن إسحاق أن ورقة بن نوفل رثاه بأبيات منها:
رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما ... تجنّبت تنّورا من النّار حاميا
بدينك ربا ليس ربّ كمثله ... وتركك أوثان الطواغي كما هيا
(تهذيب سير أعلام النبلاء) : ١/ ١٧، ترجمة رقم (٧) .
وقال الحافظ ابن حجر: إنّ زيد بن عمرو، وورقة بن نوفل، خرجا يلتمسان الدين، حتى انتهيا إلى راهب بالموصل، فقال لزيد بن عمرو: من أين أقبلت يا صاحب البعير؟ فقال: من بنيّه إبراهيم، قال:
وما تلتمس؟ قال: ألتمس الدين، قال: ارجع، فإنه يوشك أن يظهر الّذي تطلب في أرضك، فأمّا ورقة فتنصّر، وأما أنا فعرضت عليّ النصرانية، فلم يوافقني، فرجع وهو يقول:
لبيك حقّا حقّا ... تعبّدا ورقّا
البرّ أبغي لا الخال ... وهل يرى مهجرا كمن قال
آمنت بما أمر به إبراهيم ثم يقول:
أنفي لربّ البيت عان راغم ... مهما تجشّمني فإنّي جاشم