للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول»

ويدركه أثناء ذلك


[ () ] في (الفتح) : وقال شيخنا شيخ الإسلام: ما ذكره إمام الحرمين لا ينحصر الحال فيه، بل يجوز أن يكون الآتي هو جبريل بشكله الأصلي، إلا أنه انضم فصار على قدر هيئة الرجل، وإذا ترك ذلك عاد إلى هيئته، ومثال ذلك القطن، إذا جمع بعد أن كان منتفشا، فإنه بالنّفش يحصل له صورة كبيرة، وذاته لم تتغير، وهذا على سبيل التقريب، والحق أن تمثل الملك رجلا ليس معناه أن ذاته انقلبت رجلا، بل معناه أنه ظهر بتلك الصورة تأنيسا لمن يخاطبه. والظاهر أيضا أن القدر الزائد لا يزول ولا يفنى، بل يخفى على الرائي فقط. واللَّه أعلم.
قوله: [فيكلمني] ، كذا للأكثر، ووقع في رواية البيهقي من طريق القعنبي عن مالك «فيعلمني» بالعين بدل الكاف، والظاهر أنه تصحيف، فقد وقع في الموطأ رواية القعنبي بالكاف، وكذا للدارقطنيّ في حديث مالك من طريق القعنبي وغيره.
قوله: [فأعي ما يقول] ، زاد أبو عوانه في صحيحه: «وهو أهونه عليّ» . وقد وقع التغاير في الحالتين، حيث قال في الأول: «وقد وعيت» بلفظ الماضي، وهنا: «فأعي» بلفظ الاستقبال، لأن الوعي حصل في الأول قبل الفصم، وفي الثاني حصل المكالمة، أو أنه كان في الأول قد تلبس بالصفات الملكية فإذا عاد إلى حالته الجبلّية كان حافظا لما قيل له، فعبر عنه بالماضي، فإنه على حالته المعهودة.
قوله: [قالت عائشة] ، وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف. وقد أخرجه الدار الدّارقطنيّ في حديث مالك من طريق عتيق بن يعقوب، عن مالك مفصولا عن الحديث الأول، وكذا فصلهما مسلم من طريق أبي أسامة عن هشام، ونكتة هذا الاقتطاع هنا، اختلاف التحمل، لأنها في الأول أخبرت عن مسألة الحارث، وفي الثاني أخبرت عما شاهدت تأييدا للخبر الأول.
قوله: [ليتفصّد] بالفاء وتشديد المهملة، مأخوذ من الفصد، وهو قطع العرق لإسالة الدم، شبّه جبينه بالعرق المفصود مبالغة في كثرة العرق. وفي قولها: «اليوم الشديد البرد» دلالة على كثرة معاناة التعب والكرب عند نزول الوحي، لما فيه من مخالفة العادة، وهو كثرة العرق في شدة البرد، فإنه يشعر بوجود أمر طارئ زائد على الطباع البشرية.
قوله: [عرقا] ، بالنصب على التمييز، زاد ابن أبي الزناد عن هشام بهذا الإسناد عند البيهقي في الدلائل: «وإن كان ليوحى إليه وهو على ناقته فيضرب حزامها من ثقل ما يوحى إليه» . حكى العسكري في (التصحيف) عن بعض شيوخه أنه قرأ: «ليتقدّد» بالقاف، ثم قال العسكري: إن ثبت فهو من قولهم: تقصّد الشيء إذا تكسر وانقطع، ولا يخفى بعده.
وفي حديث الباب من الفوائد: أن السؤال عن الكيفية لطلب الطمأنينة لا يقدح في اليقين، وجواز السؤال عن أحوال الأنبياء من الوحي وغيره، وأن المسئول عنه إذا كان ذا أقسام يذكر المجيب في أول جوابه ما يقتضي التفصيل. واللَّه أعلم (فتح الباري) : ١/ ٢٣- ٢٨، كتاب بدء الوحي باب (٣) حديث رقم (٢) ، (ابن سعد في طبقاته) : ١/ ١٩٨، (تحفة الأحوذي) : ١٠/ ٧٨- ٧٩، أبواب المناقب، باب (٣٤) كيف كان ينزل الوحي على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، حديث رقم (٣٨٧٧) ، (دلائل النبوة لأبي نعيم) : ٢٢٣ باب وأما كيفية إلقاء الوحي إلي النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، حديث رقم (١٧١) .