[ (٢) ] (فتح الباري) : ١/ ١٢٨، كتاب الإيمان، باب (٣٠) ، الصلاة من الإيمان، وقول اللَّه تعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ يعني صلاتكم عند البيت، حديث رقم (٤٠) . قوله: «يعني صلاتكم عند البيت» ، وقع التنصيص على هذا التفسير من الوجه الّذي أخرج منه البخاري حديث الباب، فروى الطيالسي والنسائي، من طريق شريك وغيره عن أبي إسحاق عن البراء في الحديث المذكور: «فأنزل اللَّه: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ صلاتكم إلى بيت المقدس» . وعلى هذا فقول البخاري: «عند البيت» مشكل، مع أنه ثابت عنه في جميع الروايات، ولا اختصاص لذلك بكونه عند البيت، وقد قيل إن فيه تصحيفا، والصواب يعني صلاتكم لغير البيت. قال الحافظ ابن حجر: وعندي أنه لا تصحيف فيه، بل هو صواب ومقاصد البخاري في هذه الأمور دقيقة، وبيان ذلك أن العلماء اختلفوا في الجهة التي كان النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يتوجه إليها للصلاة وهو بمكة، فقال ابن عباس وغيره: كان يصلّى إلى بيت المقدس، ولكنه لا يستدبر الكعبة، بل يجعلها بينه وبين بيت المقدس. وأطلق آخرون: أنه كان يصلي إلى بيت المقدس، وقال آخرون: كان يصلي إلى الكعبة، فلما تحول إلى المدينة استقبل بيت المقدس، وهذا ضعيف، ويلزم منه دعوى النسخ مرتين، والأول أصح، لأنه يجمع بين القولين، وقد صححه الحاكم وغيره من حديث ابن عباس. وكأن البخاري أراد الإشارة إلى الجزم بالأصح، من أن الصلاة لما كانت عند البيت، كانت إلى بيت المقدس، واقتصر على ذلك اكتفاء بالأولوية، لأن صلاتهم إلى غير جهة البيت وهم عند البيت إذا كانت لا تضيع، فأحرى أن لا تضيع إذا بعدوا عنه، فتقدير الكلام: يعني صلاتكم التي صليتموها عند البيت إلى بيت المقدس. قوله: «قبل بيت المقدس» ، بكسر القاف وفتح الموحدة، أي إلى جهة بيت المقدس. قوله: «ستة عشر شهرا أو سبعة عشر» ، كذا وقع الشك في رواية زهير هذه هنا، وفي الصلاة أيضا عن أبي نعيم عنه، وكذا في رواية الثوري عنده، وفي رواية إسرائيل عند البخاري، وعند الترمذي أيضا. ورواه أبو عوانة في صحيحه، عن عمار بن رجاء وغيره عن أبي نعيم فقال: «ستة عشر» من غير شك، وكذا لمسلم من رواية أبي الأحوص، وللنسائي من رواية زكريا بن أبي إسحاق زائدة وشريك، ولأبي عوانة أيضا من رواية عمار بن رزيق- بتقديم الراء مصغرا- كلهم عن أبي إسحاق، وكذا لأحمد بسند صحيح عن ابن عباس. وللبزار والطبراني من حديث عمرو بن عوف «سبعة عشر» ، وكذا للطبراني عن ابن عباس ...