للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] والجمع بين الروايتين سهل بأن يكون من جزم بسنة عشر لفق من شهر القدوم وشهر التحويل شهرا وألغى الزائد، ومن جزم بسبعة عشر عدّهما معا، ومن شك تردّد في ذلك. وذلك أن القدوم كان في شهر ربيع الأول بلا خلاف، وكان التحويل في نصف شهر رجب من السنة الثانية على الصحيح، وبه جزم الجمهور.
ورواه الحاكم بسند صحيح عن ابن عباس. وقال ابن حبان: «سبعة عشر شهرا وثلاثة أيام» ، وهو مبني على أن القدوم كان في ثاني عشر شهر ربيع الأول.
وشذّت أقوال أخرى: ففي ابن ماجة من طريق أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق في هذا الحديث: «ثمانية عشر شهرا» ، وأبو بكر سيء الحفظ، وقد اضطرب فيه، فعند ابن جرير من طريقه في رواية: «سبعة عشر» ، وفي رواية: «ست عشر» ، وخرّجه بعضهم على قول محمد ابن حبيب أن التحويل كان في نصف شعبان، وهو الّذي ذكره النووي في (الروضة) وأقرّه، مع كونه رجّح في شرحه لمسلم رواية «ستة عشر شهرا» ، لكونها مجزوما بها عند مسلم، ولا يستقيم أن يكون ذلك في شعبان إلا إن ألغي شهري القدوم والتحويل.
وقد جزم موسى بن عقبة بأن التحويل كان في جمادى الآخرة، ومن الشذوذ أيضا رواية: «ثلاثة عشر شهرا» ، ورواية: «تسعة أشهر» ، و «عشرة أشهر» ، ورواية: «شهرين» ، ورواية:
«سنتين» ، وهذه الأخيرة يمكن حملها على الصواب. وأسانيد الجمع ضعيفة، والاعتماد على القول الأول، فجملة ما حكاه تسع روايات.
قوله: «وأنه صلّى أول» ، بالنصب لأنه مفعول صلّى، والعصر كذلك على البداية، وأعربه ابن مالك بالرفع، وفي الكلام مقدر لم يذكر لوضوحه، أي أو صلاة صلاها متوجها إلى الكعبة صلاة العصر. وعند ابن سعد: حولت القبلة في صلاة الظهر أو العصر- على التردد- وساق ذلك من حديث عمارة بن أوس قال: «صلينا إحدى صلاتي العشي» . والتحقيق: أن أول صلاة صلاها في بني سلمة لما مات بشر بن البراء بن معرور الظهر، وأول صلاة صلاها بالمسجد النبوي العصر، وأما الصبح فهو من حديث ابن عمر بأهل قباء، وهل كان ذلك في جمادى الآخرة أو رجب أو شعبان؟
أقوال.
قوله: «قبل مكة» ، أي قبل البيت الّذي في مكة، ولهذا قال: «فداروا كما هم قبل البيت» ، و «ما» موصولة، والكاف للمبادرة، وقال الكرماني: للمقارنة، و «ما» مبتدأ وخبره محذوف.
قوله: «قد أعجبهم» أي النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، (وأهل الكتاب) : هو بالرفع عطفا على اليهود، من عطف العام على الخاص. وقيل: المراد النصارى، لأنهم من أهل الكتاب، وفيه نظر، لأن النصارى لا يصلون لبيت المقدس! فكيف يعجبهم؟ وقال الكرماني: كان إعجابهم بطريق التبعية لليهود.
قال الحافظ ابن حجر: وفيه بعد لأنهم أشد الناس عداوة لليهود، ويحتمل أن يكون بالنصب، والواو بمعنى (مع) ، أي يصلي مع أهل الكتاب إلى بيت المقدس، واختلف في صلاته إلى بيت المقدس وهو بمكة.
فروى ابن ماجة من طريق أبي بكر بن عياش المذكورة: «صلينا مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم نحو بيت المقدس ثمانية عشر شهرا» ، وصرفت القبلة إلى الكعبة بعد دخول المدينة بشهرين» ، وظاهره