للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سواء، فطاعة الرسول من طاعة اللَّه، إذ اللَّه أمر بطاعته، وطاعته امتثال لما أمر اللَّه به وطاعة له.

وقد حكى اللَّه تعالى عن الكفار في دركات [ (١) ] جهنم يوم تقلب وجوههم في النار يقولون: يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا [ (٢) ] فتمنوا طاعته حيث لا ينفعهم التمني.

وخرج البخاري ومسلم من حديث ابن شهاب قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن المسيب قالا: كان أبو هريرة يحدث أنه سمع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم يقول: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم [ (٣) ] .

وخرجه البخاري من حديث مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: عن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم قال: دعوني ما تركتكم، إنما هلك من كان


[ () ] معصية وتحريمها في المعصية، حديث رقم (٣٢) ، (٣٣) :
قال الإمام النووي: أجمع العلماء على وجوبها في غير معصية، وعلى تحريمها في المعصية، قال العلماء:
المراد بأولي الأمر، من أوجب اللَّه طاعته من الولاة والأمراء، هذا قول جماهير السلف والخلف من المفسرين والفقهاء وغيرهم. وقيل: هم العلماء، وقيل: هم الأمراء والعلماء، وأما من قال: الصحابة خاصة فقد أخطأ. (المرجع السابق) .
[ (١) ] دركات النار: منازل أهلها، والنار دركات، والجنة درجات، والدّرك إلى أسفل، والدّرج إلى فوق.
(لسان العرب) : ١٠/ ٤٢٢ مادة درك.
[ (٢) ] الأحزاب: ٦٦.
[ (٣) ] (مسلم بشرح النووي) : ١٥/ ١١٨، كتاب الفضائل، باب (٣٧) توقيره صلى اللَّه عليه وسلّم وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه، أو لا يتعلق به تكليف، وما لا يقع، ونحو ذلك، حديث رقم (١٣٠) .
قال الإمام النووي: مقصود أحاديث الباب أنه صلى اللَّه عليه وسلّم نهاهم عن إكثار السؤال والابتداء بالسؤال عما لا يقع، ذكره ذلك لمعان:
* منها أنه ربما كان سببا لتحريم شيء على المسلمين فيلحقهم به المشقة.
* ومنها أنه ربما كان في الجواب ما يكرهه السائل ويسوؤه، ولهذا أنزل اللَّه تعالى في ذلك قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ* ومنها أنهم أحفوه صلى اللَّه عليه وسلّم بالمسألة، والحفوة المشقة والأذى، فيكون ذلك سببا لهلاكهم.
(المرجع السابق) .