قال الخطابيّ: يريد به طاعة من ولاه الإمام عليكم وإن كان عبدا حبشيا، ولم يرد بذلك أن يكون الإمام عبدا حبشيا. وقد ثبت عنه صلى اللَّه عليه وسلّم أنه قال: «الأئمة من قريش» ، وقد يضرب المثل في الشيء بما لا يكاد يصح في الوجود، كقوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «من بنى للَّه مسجدا ولو مثل مفحص قطاة، بنى اللَّه له بيتا في الجنة» ، وقدر مفحص القطاة لا يكون مسجدا لشخص آدمي، ونظائر هذا الكلام كثير. قوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «وعضوا عليها بالنواجذ» ، جمع ناجذة بالذال المعجمة، قيل: هو الضرس الأخير، وقيل: هو مرادف السن، وهو كناية عن شدة ملازمة السنة والتمسك بها. وقال الخطابي: وقد يكون معناه أيضا الأمر بالصبر على ما يصيبه من المضض في ذات اللَّه، كما يفعله المتألم بالوجع يصيبه. قوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «وإياكم ومحدثات الأمور» ، قال الحافظ ابن رجب في كتاب (جامع العلوم والحكم) : فيه تحذير للأمة من اتباع الأمور المحدثة المبتدعة، وأكد ذلك بقوله: «وكل بدعة ضلالة» . والمراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، وأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعا، وإن كان بدعة لغة. فقوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «وكل بدعة ضلالة» ، من جوامع الكلم، لا يخرج عنه شيء، وهو أصل عظيم من أصول الدين. وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع، فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر رضي اللَّه عنه في التراويح: «نعمت البدعة هذه» ، وروى عنه أنه قال: «إن كانت هذه بدعة فنعمت البدعة» ، ومن ذلك أذان الجمعة الأول، زاده عثمان لحاجة الناس إليه، وأقرّه عليّ، واستمر عمل المسلمين عليه. وروى عن ابن عمر أنه قال: هو بدعة، ولعله أراد ما أراد أبوه في التراويح. (عون المعبود) : ١٢/ ٢٣٤، كتاب السنه، باب التمسك بالسنة، حديث رقم (٤٥٩٤) . [ (٢) ] قال المنذري: وأخرجه الترمذي وابن ماجة، وليس في حديثهما ذكر حجر بن حجر، غير أن الترمذي أشار إليه تعليقا، وقال الترمذي: حسن صحيح. والخلفاء: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي: والمحدث على قسمين: محدث ليس له أصل إلا الشهوة والعمل بالإرادة فهذا باطل، وما كان على قواعد الأصول أو مردود إليها فليس ببدعة ولا ضلالة. (المرجع السابق) : ٢٣٥.