للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما وجدنا فيه من حلال أحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول اللَّه مثل ما حرم اللَّه [ (١) ] .

وخرج البخاري في كتاب الأدب [ (٢) ] وفي كتاب الاعتصام [ (٣) ] من حديث الأعمشي، حدثنا مسلم عن مسروق [قال] [ (٤) ] : قالت عائشة رضي اللَّه عنها: صنع النبي صلى اللَّه عليه وسلّم شيئا [فرخص] [ (٥) ] فيه فتنزه عنه قوم، فبلغ النبي صلى اللَّه عليه وسلّم، فخطب فحمد


[ (١) ]
أخرج أبو داود نحوه في كتاب السنة، باب لزوم السنة، حديث رقم (٣٨٤٨- ٤٦٠٤) : عن المقدام بن معديكرب، عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أنه قال: «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، لا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السّبع، ولا لقطة معاهد، إلا أن يستغنى عنها صاحبها. ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه» .
وحديث رقم (٣٨٤٩- ٤٦٠٥) :، عن أبي رافع عن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم قال: «لا ألفينّ أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا ندري ما وجدنا في كتاب اللَّه اتبعناه. (صحيح سنن أبي داود للألباني) : ٣/ ٨٧٠- ٨٧١.
قوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «على أريكته»
أي على سريره المزين بالحلل والأثواب، وأراد بهذه الصفة أصحاب الترفة والدعة، الذين لزموا البيوت، ولم يطلبوا العلم من مظانه. قال الخطابي: في الحديث دليل على أن لا حاجة بالحديث أن يعرض على الكتاب، وأنه مهما ثبت عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم شيء كان حجة بنفسه، فأما ما رواه بعضهم أنه قال: إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على الكتاب فإن وافقه فخذوه، فإنه حديث باطل لا أصل له. وقد حكى زكريا الساجي عن يحى بن معين أنه قال: هذا حديث وضعته الزنادقة.
قال المنذري: وأخرجه الترمذي وابن ماجة، وقال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه، وحديث أبي داود أتم من حديثهما. (عون المعبود) ١٢/ ٢٣١، حديث رقم (٤٥٩١) .
[ (٢) ] (فتح الباري) : ١٠/ ٦٢٨، باب (٧٢) من لم يواجه الناس بالعتاب، حديث رقم (٦١٠١) .
[أي حياء منهم] .
[ (٣) ] (المرجع السابق) : ١٣/ ٣٤٢، باب (٥) ما يكره من التعمق والتنازع والغلوّ في الدين والبدع، لقوله تعالى: يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ، حديث رقم (٧٣٠١) .
قوله: «صنع النبي صلى اللَّه عليه وسلّم شيئا فترخص فيه» ، في رواية مسلم من طريق أبي معاوية عن الأعمش:
«رخّص النبي في أمر» .
قوله: «فتنزه عنه قوم» ، في رواية مسلم من طريق جرير عن الأعمش «فبلغ ذلك ناسا من أصحابه فكأنهم كرهوه وتنزهوا» .
قوله: «فخطب» ، في رواية أبي معاوية «فبلغ ذلك النبي صلى اللَّه عليه وسلّم فغضب حتى بان الغضب في وجهه.
[ (٤) ] زيادة للسياق.
[ (٥) ] في (خ) : «ترخص فيه» .