للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد اللَّه بن يزيد عن عبد اللَّه بن عمرو [بن العاص] [ (١) ] رضي اللَّه [عنهما] [ (٢) ] قال:

قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية [ليكوننّ] [ (٣) ] في أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، [وستفترق] [ (٤) ] أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا من هي يا رسول اللَّه؟ قال:

[من كان على] [ (٥) ] ما أنا عليه وأصحابي.

قال أبو عيسى: هذا حديث مفسّر غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه [ (٦) ] . قال الترمذي: الإفريقي ضعيف عند أهل الحديث،


[ (١) ] تكملة من (جامع الأصول) : ١٠/ ٣٣.
[ (٢) ] في (خ) : «عنه» .
[ (٣) ] في (خ) : «لكان» .
[ (٤) ] في (خ) : «وتفترق» ، والتصويب من المرجع السابق.
[ (٥) ] تكملة من المرجع السابق، حديث رقم ٧٤٩١.
[ (٦) ]
قوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «ليأتينّ على أمتي» ،
من الإتيان وهي المجيء بسهولة، وعدّى بعلي لمعنى الغلبة المؤدية إلى الهلاك، ومنه قوله تعالى: ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ [الذاريات: ٤٢] .
قوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «حذو النعل بالنعل»
استعارة في التساوي، وقيل: الحذو القطع والتقدير أيضا، يقال: حذوت النعل بالنعل إذا قدرت كل واحدة من طاقاتها على صاحبتها لتكونا على السواء، ونصبه على المصدر، أي يحذونهم حذوا مثل حذو النعل بالنعل، أي تلك المماثلة المذكورة في غاية المطابقة والموافقة، كمطابقة النعل بالنعل.
قوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «حتى إذا كان منهم من أتى أمه» ،
حتى: ابتدائية، والواقع بعده جملة شرطية، وإتيان الأم كناية عن الزنا.
قوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين مله» ،
سمى صلى اللَّه عليه وسلّم طريقة كل واحد منهم «ملة» اتساعا، وهي في الأصل ما شرع اللَّه لعباده على ألسنة أنبيائه ليتوصلوا به إلى القرب من حضرته تعالى، ويستعمل في جملة الشرائع دون آحادها، ولا تكاد توجد مضافة إلى اللَّه تعالى، ولا إلى آحاد أمة النبي، بل يقال: ملة محمد صلى اللَّه عليه وسلّم أو ملتهم كذا، ثم إنها اتسعت فاستعملت في الملل الباطلة، لأنهم لما عظم تفرقهم، وتدنّيت كل فرقة منهم بخلاف ما تديّن به غيرها، كانت طريقة كل منهم كالملة الحقيقية في التدين، فسميت باسمها مجازا.
وقيل: الملة كل فعل وقول اجتمع عليه جماعة، وهو قد يكون حقا، وقد يكون باطلا، والمعنى أنهم يفترقون فرقا، تتديّن كل واحدة منها بخلاف ما تتديّن به الأخرى.
قوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة» ،
قيل: فيه إشارة لتلك المطابقة، مع زيادة هؤلاء في ارتكاب البدع بدرجة. وقوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «إلا ملة» ، بالنصب، أي إلا أهل ملة، «قالوا: من هي» ؟ أي تلك الملة أي أهلها الناجية.
قوله: «هذا حديث حسن غريب» ، في سنده عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، وهو ضعيف، فتحسين الترمذي له لاعتضاده بأحاديث الباب، وحديث عبد اللَّه بن عمرو هذا أخرجه أيضا الحاكم