للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلفظ (القاتل) ظاهر الدلالة فيمن يباشر القتل الموجب للقصاص، وهو القتل عمدًا بدون وجه شرعي مبيح.

ويكاد يكون من المتفق عليه، أن قاتل العمد لا يرث من المقتول شيئا، إلا ما حكي عن سعيد بن جبير وابن المسيب (١).

ولا تعويل على هذا القول لشذوذه وقيام الدليل على خلافه.

فإلى جانب ما أوردناه من أحاديث: روي أن عمر ، أعطى دية ابن قتادة المذحجي لأخيه دون أبيه، وكان حذَفه بسيفه فقتله.

قال ابن قدامة: (واشتهرت هذه القصة بين الصحابة فلم تنكر فكانت إجماعًا) (٢).

حتى إذا تجاوزنا هذا النوع من القتل، وجدنا بعض الغموض والخفاء، يكتنف لفظ (القائل) في تطبيقه على بعض أفراده، فكان خفيًا في القتل خطأ، أو ما جرى مجرى الخطأ، والقتل بالتسبُّب (٣)، وقتل الصبي، والمجنون، والنائم.


(١) كما أنه رأي الخوارج الذين لهم موقف معين من السنّة، ومن الأمور التي تركوا فيها العمل بالسنّة الصحيحة رجم الزاني المحصن، فقد ذهبوا إلى أن الواجب هو حد الجلد لعموم قوله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: ٢] مع أن الرسول ذكر الرجم وأثبت أنه رجم. ومنها: قصر التحريم بالرضاع على مَن نصّت عليهم الآية في قوله ﷿: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ﴾ [النساء: ٢٣] دون التفات إلى ما صحّ في السنّة من أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، ومنها: إجازة الجمع بين المرأة وعمنها أو خالتها، لأن آية المحرمات لم تنص عليهما مع ثبوت تحريم هذا الجمع في السنّة. ومنها: جواز الوصية للوالدين والأقربين عملًا بقوله تعالى: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] علمًا بأن حديث "لا وصية لوارث" حديث صحيح، وهكذا لم يعملوا بما ورد من أحاديث صحيحة في الرجم وعموم التحريم بالرضاع، وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، ومنع الوصية لوارث. وانظر: "المغني" لابن قدامة (٨/ ١٥٧)، (٦/ ٥٧١، ٥٧٣)، "تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة (ص ٢٤١ - ٢٥٠).
(٢) راجع: "المغني" لابن قدامة (٦/ ٢٩١)، "السنن الكبرى" للبيهقي (٦/ ٢١٩ - ٢٢٠).
(٣) القتل الجاري مجرى الخطأ: هو كان ينقلب النائم على إنسان "مورثه" فيقتله. أما القتل بالتسبُّب فهو: أن يصدر عن القاتل فعل يتسبّب عنه قتل مورثه؛ كأن يحفر حفرة في الطريق دون إذن السلطة، فيقع مورثه فيه ويُقتل.

<<  <  ج: ص:  >  >>