للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يبدو خفيًا في القائل عمدًا بوجهٍ شرعي مبيح، كالقتل دفاعًا عن النفس، وكالقتل قصاصًا وحدًّا، وكقتل العادل الباغي … إلى غير ذلك مما يُرى مفصّلًا في كتب الفروع.

ولإزالة الإبهام كان لا بد من البحث والتأمُّل، وذلك لتحديد ماهية القتل الذي يمنع من الإرث (١)، وفي هذه السبيل نرى وجهات نظر متعددة في الموضوع، ترتب عليها نوع من الاختلاف عند التطبيق.

أ - فذهب الحنفية إلى أن القتل الذي يمنع من الإرث، هو القتل الذي يتعلق به وجوب القصاص أو الكفارة.

وعلى هذا فالقتل الذي تنطبق عليه هذه القاعدة هو العمد وشبه العمد والخطأ. لأن العمد يتعلق به وجوب القصاص، وشبه العمد، والخطأ يتعلق بكل منهما وجوب الكفارة.

فالقاتل - يُمنع من الإرث عند الحنفية - في إحدى هذه الحالات الثلاث، ولا يمنع في غيرها، وذلك كما في قتل الوارث مورثه قصاصًا، أو حدًّا، أو دفعًا عن نفسه، وكما في قتل العادل مورثه الباغي.

ومثل ذلك ما إذا كان القتل بالتسبُّب دون المباشرة، كحافر البئر، وواضع الحجر في غير ملكه، وكذا إذا كان القاتل صبيًا، أو مجنونًا فلا منع من الإرث أيضًا (٢).

ب - أما المالكية: فالقاتل الذي لا يرث عندهم، هو الذي يقتل عمدًا عدوانًا، دون وجه شرعي مبيح، سواء كان هذا القتل مباشرة أو بالتسبُّب، حتى لو كان القاتل صبيًا أو مجنونًا، فإنه يمنع من الإرث.

أما القاتل عمدًا بحق، أو خطأ: فلا يمنع من الإرث عندهم (٣).


(١) راجع تفصيلًا وافيًا في تحديد القتل المانع من الإرث عند الفقهاء، وموقف القانون من ذلك في كتاب: "التشريع الجنائي الإسلامي" للأستاذ عبد القادر عوده (٢/ ١٨٥ - ١٨٧).
(٢) راجع: "شرح السراجية" للسيد الجرجاني (ص ٩ - ١٠).
(٣) راجع: "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" للدردير مع "تقريرات الشيخ عليش" (٤/ ٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>