للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو قوي الظهور في قصد التعميم لكل ذي رحم محرم، وذلك مما يمتنع معه التأويل بالحمل على الأصول والفروع دون غيرهم (١).

وينسب إلى الشافعي ومَن وافقه على هذا الحكم: الاستدلال بقياس قرابة غير الوالدين والأولاد، على قرابة ابن العم؛ فقرابة ابن العم لا يتعلق بها ردُّ الشهادة، ولا تجب بها النفقة مع اختلاف الدين، كما أنها لا توجب التعصيب، فلتكن قرابة غير الوالدين والأولاد كذلك؛ فلا توجب العشق بالقرابة.

وأمر آخر: هو أن هذا القريب، لو استحق على قريبه العنق عليه بالقرابة، لمُنع من بيعه إذا اشتراه، وهو مكاتَب كالولد والوالد. غير أن هذا القياس لم يكن مرضيًا عند الباحثين، لأنه جاء في مقابل نصوص ناطقة بأن مِلك ذي الرحم المحرم يوجب حريته.

قال الشوكاني: (ولا يخفى أن نصب مثل هذه الأقيسة في مقابلة حديث سمرة وحديث ابن عمر: مما لا يلتفت إليه منصف) (٢).

هذا ومما يزيد في بُعد هذا التأويل: أنه لو كان القصد في الحديث مَن هم عمود النسب دون غيرهم، لما كانت هناك حاجة إلى العدول عن تخصيصهم بالذكر، إلى النطق بصيغة عامة تشملهم، وتشمل غيرهم، والأصل أن الظاهر على ما يدل عليه، ولا دليل يعطي قصر ذي الرحم المحرم الوارد في الحديث على فئة معينة من الأقرباء، إلا ما كان من


(١) راجع: "الإحكام" للآمدي (٣/ ٨٤).
(٢) "نيل الأوطار" (٦/ ٨٨) هذا: وحول الحديث كلام قاله بعض المحدثين، وقد دافع ابن حزم عن رواية ابن عمر "فهو عتيق" وقال: (هذا خبر صحيح تقوم به الحجة) وممن تبعه في الدفاع عن الحديث ابن التركماني في كتابه "الجوهر النقي" المطبوع مع "سنن البيهقي" وجزم بصحة الاحتجاج بالحديثين من رواية سمرة ورواية ابن عمر. وأكد الشوكاني في "نيل الأوطار" أن ما قيل في الحديثين - يعني روايتَيْ سمرة وابن عمر - ساقط لأنهما يعتقدان فيصلحان للاحتجاج.
انظر: "الجوهر النقي" لابن التركماني (١٠/ ٨٩ - ٩٠)، "منتقى الأخبار" مع "نيل الأوطار" للشوكاني (٦/ ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>