للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا النص من السنّة يدل بعبارته على تقديم الأم على الأب في النفقة، وما دام الأقوى هو المقدّم عند التعارض، وجب تقديم الحكم الثابت بعبارة النص - الذي أفاد تقديم الأم - على الحكم الثابت بإشارة النص - الذي أفاد تقديم الأب - وتكون الأم أوْلى من الأب في النفقة.

والواقع أن فقهاء الحنفية قد عرضوا مسألة تقديم الأب أو الأم في حق النفقة، في حالة كون الابن عاجزًا عن الإنفاق، غير عاجز عن الكسب - والأب والأم موجودان وكلاهما بحاجة إلى النفقة - لأن الأب عاجز عن الكسب، فاستوى مع الأم العاجزة بطبيعة أنوثتها، أو هي استوت معه لهذا، إذ قرروا أن الأم تعتبر كالأب العاجز لأن الأنوثة وحدها: عجز.

ففي هذه الحالة إذا كان الولد لا يستطيع الإنفاق إلا على أحد أبويه، فالأم أحق بالإنفاق عند الحنفية، وهذا هو القول المعتبر، وقيل: الأب أحق. وقيل: تقسم النفقة بينهما" (١).

على أنه لا بد - في رأينا - من نظرة جديدة إلى واقع المرأة اليوم، وما تفتح أمامها من مجالات للعمل، قد تكون مشروعة في بعض الأحيان، وعلى أساس هذه النظرة يمكن تفضيل قول على قول، مما ذكره هؤلاء الأئمة .


(١) راجع: "البدائع" (٤/ ٣٦) فما بعدها، "الهداية وفتح القدير" (٣/ ٣٤٧)، "حاشية ابن عابدين" (٢/ ٧٦٣) هذا: وتفصيل أمر هذه النفقة الواجبة على الولد في الحال المذكورة: أن الولد في حال قدرته على الكسب وعجزه عن الاتفاق، إما أن يكون له فَصْل كسب عن حاجة أو لا، فإن كان له فَصْل كسب، أجبر على إنفاق الفاضل، وعلى مَن يرث الأب - حين عدم الابن - أن يكمل النفقة. وإن لم يكن للولد فَضْل كسب: فإن كان يعيش وحده: لم يُجبر على ضم أحد من أبويه إليه قضاء، ويلزمه ذلك ديانة.
وإن كان له عيال: أُجبر على ضم أحد أبويه - على الحد الذي مر - قضاء وديانة يطعمه مما يطعمهم لأن طعام الأربعة - كما قالوا - يكفي الخمسة من غير أن يضرهم ضررًا فاحشًا بخلاف طعام الواحد إذا قسم على الاثنين فإنه يضره ضررًا بالغًا - إذ يأكل حينئذ ما لا يكفيه لغذائه، فيضعف عن الكسب. وإذا كانت الأم - لمجرد عجزها بكونها أُنثى -: تستوي مع الأب الزمِن: تعرض حالة وجودهما معًا والابن علي الأمر الذي ذكرنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>